عدد الزوار 151 التاريخ Wednesday, August 3, 2022 2:31 AM
فأجاب: اشْتِرَاطُ المُشْتَرِي شُرُوطًا عَلَى البَائِعِ إِنْ كَانَتْ حَلَالًا فَهِيَ جَائِزَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ حَرَامًا فَهِيَ بَاطِلَةٌ.
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا، وَالمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: (مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ). وَالمُرَادُ بِالشُّرُوطِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ الشُّرُوطُ الفَاسِدَةُ.
وَأَمَّا مَا ثَبَتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا ابْنَ مَاجَهْ، فَإِنَّ لَهُ مِنْهُ: «رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ، بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ». قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَاحْتَجَّ بِهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ.
فَقَوْلُهُ: "وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ"، اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الشَّرْطَيْنِ المَنْهِيِّ عَنْهُمَا، فَذَهَبَ بَعْضُ العُلَمَاءِ إِلَى إِجْرَائِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعَمَلًا بِعُمُومِهِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُمَا شَرْطَانِ فَاسِدَانِ، أَوْ لَيْسَا مِنْ مَصْلَحَةِ العَقْدِ وَمُقْتَضَاهُ.
وَفَسَّرَهُ آخَرُونَ بِمَسْأَلَةِ العِيْنَةِ، وَهُوَ مَا قَرَّرَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ القَيِّمِ، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَيَدْخُلُ فِي عُمُومِهِ البُيُوعُ الفَاسِدَةُ وَالمَنْهِيُّ عَنْهَا مِمَّا يَنْطَبِقُ عَلَيْهَا الحَدِيثُ. وَاللهُ أَعْلَمُ.