عدد الزوار 149 التاريخ Wednesday, August 3, 2022 2:33 AM
فأجاب: ثَبَتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ.
فَقَوْلُهُ: "لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ"؛ أَيْ: لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُجْمَعَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بَيْنَ بَيْعٍ وَاشْتِرَاطِ سَلَفٍ، فَكُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا فَهُوَ رِبَا.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ: "قَالَ الْبَغَوِيُّ: الْمُرَادُ بِالسَّلَفِ هُنَا الْقَرْضُ. قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ أَنْ يُقْرِضَهُ قَرْضًا ثُمَّ يُبَايِعَهُ عَلَيْهِ بَيْعًا يَزْدَادُ عَلَيْهِ وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْرِضُهُ عَلَى أَنْ يُحَابِيَهُ فِي الثَّمَنِ، وَقَدْ يَكُونُ السَّلَفُ بِمَعْنَى السَّلَمِ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَبِيعُكَ عَبْدِي هَذَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تُسَلِّفَنِي مِائَةً فِي كَذَا وَكَذَا".
وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَلَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ أَنْ يُسَلِّفَهُ أَوْ يُقْرِضَهُ، أَوْ شَرَطَ المُشْتَرِى ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَهُوَ مُحَرَّمٌ، وَالبَيْعُ بَاطِلٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: إِنْ تَرَكَ مُشْتَرِطُ السَّلَفِ السَّلَفَ، صَحَّ البَيْعُ. وَلَنَا، مَا رَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو ... وَلِأَنَّهُ اشْتَرَطَ عَقْدًا فِي عَقْدٍ، ففَسَدَ، كبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَلِأَنَّهُ إِذَا اشْتَرَطَ القَرْضَ زَادَ فِي الثَّمَنِ لِأَجْلِهِ، فَتَصِيرُ الزِّيادَةُ فِي الثَّمَنِ عِوَضًا عَنِ القَرْضِ، وَرِبْحًا لَهُ، وَذَلِكَ رِبًا مُحَرَّمٌ، فَفَسَدَ، كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ.