عدد الزوار 137 التاريخ Wednesday, August 3, 2022 2:50 AM
فأجاب: لَيْسَ لِلطِّفْلِ دُعَاءٌ خَاصٌّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ نَدْعُو فِي الصَّلَاةِ بِالدُّعَاءِ العَامِّ الثَّابِتِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جَنَازَةٍ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِيمَانِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإِسْلَامِ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ، وَفِي رِوَايَةٍ: (اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ).
وَلَهُ شَوَاهِدُ؛ مِنْهَا: حَدِيثُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الأَشْهَلِيِّ، عَنْ أَبِيهِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ الطِّفْلَ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ.
وَعَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ (قَالَ: وَأَحْسِبُ أَنَّ أَهْلَ زِيَادٍ أَخْبَرُونِي أَنَّهُ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَالَ: "الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الجَنَازَةِ، وَالمَاشِي يَمْشِي خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا، وَعَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ يَسَارِهَا، قَرِيبًا مِنْهَا، وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَلِلتِّرْمِذِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: "الرَّاكِبُ خَلْفَ الجَنَازَةِ، وَالمَاشِي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا، وَالطِّفْلُ يُصَلَّى عَلَيْهِ". قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَغَيْرِهِمْ، قَالُوا: يُصَلَّى عَلَى الطِّفْلِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ بَعْدَ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ خُلِقَ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ.
وَعَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: "الطِّفْلُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ قَدْ اضْطَرَبَ النَّاسُ فِيهِ؛ فَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرْفُوعًا، وَرَوَى أَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ مَوْقُوفًا، وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرٍ مَوْقُوفًا، وَكَأَنَّ هَذَا أَصَحُّ مِنَ الحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ.
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ إِلَى هَذَا، قَالُوا: لَا يُصَلَّى عَلَى الطِّفْلِ حَتَّى يَسْتَهِلَّ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ. انتهى.
وَقَالَ الخَطَّابِيُّ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى السِّقْطِ، فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: يُصَلَّى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَابْنُ المُسَيَّبِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: كُلُّ مَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ وَتَمَّتْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ صُلِّيَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ: وَإِنَّمَا المِيرَاثُ بِالاسْتِهْلَالِ، فَأَمَّا الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَسَمَةٌ تَامَّةٌ، قَدْ كُتِبَ عَلَيْهِ الشَّقَاءُ وَالسَّعَادَةُ، فَلِأَيِّ شَيْءٍ يُتْرَكُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ؟!
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: إِذَا اسْتَهَلَّ وُرِّثَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ.
وَعَنْ جَابِرٍ: إِذَا اسْتَهَلَّ صُلِّيَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ. وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: "وَإِنْ كَانَ المَيِّتُ طِفْلًا، جُعِلَ مَكَانَ الاسْتِغْفَارِ لَهُ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فَرَطًا لِوَالِدَيْهِ، وَذُخْرًا وَسَلَفًا وَأَجْرًا، اللَّهُمَّ ثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمَا، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فِي كَفَالَةِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ المُؤْمِنِينَ، وَأَجِرْهُ بِرَحْمَتِكَ مِنْ عَذَابِ الجَحِيمِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ ... وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَبِأَيِّ شَيْءٍ دَعَا مِمَّا ذَكَرْنَا أَوْ نَحْوِهِ أَجْزَأَهُ، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ". انتهى
وَفِي قَوْلِهِ: "وَأَجِرْهُ بِرَحْمَتِكَ مِنْ عَذَابِ الجَحِيمِ" نَظَرٌ، فَلَا تُقَالُ هَذِهِ الجُزْئِيَّةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.