عدد الزوار 157 التاريخ Wednesday, August 3, 2022 2:14 AM
فأجاب:طَلَبُ المَدَدِ مِنْ أَصْحَابِ القُبُورِ، سَوَاءٌ كَانُوا أَنْبِيَاءَ أَوْ شُهَدَاءَ أَوْ أَوْلِيَاءَ أَوْ صَالِحِينَ، شِرْكٌ أَكْبَرُ وَكُفْرٌ مُخْرِجٌ مِنَ المِلَّةِ، بِنَصِّ القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ الأَرْبَعَةِ الأَئِمَّةِ وَإِجْمَاعِ سَلَفِ الأُمَّةِ.
قَالَ تَعَالَى: (إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ).
وَبِدَايَةُ شِرْكِ العَالَمِ الَّذِي مِنْ أَجْلِ إِبْطَالِهِ وَمُحَارَبَةِ أَصْحَابِهِ أَنْزَلَ اللهُ الكُتُبَ وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ، هُوَ دُعَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ فِي قُبُورِهِمْ، كَمَا فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَالضَّحَّاكِ، وَقَتَادَةَ، وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَغَيْرِهِمْ نَحْوُهُ.
فَطَلَبُ المَدَدِ مِنْ سُكَّانِ القُبُورِ مِنْ أَنْبِيَاءَ وَأَوْلِيَاءَ وَشُهَدَاءَ وَصَالِحِينَ، وَسُؤَالُهُمْ إِجَابَةَ الدَّعَوَاتِ، وَتَفْرِيجَ الكُرُبَاتِ، وَإِغَاثَةَ اللَّهَفَاتِ، وَكَشْفَ المُلِمَّاتِ: نَاقِلٌ عَنِ المِلَّةِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ هُوَ العِبَادَةُ كَمَا فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ الثَّابِتِ، فَلَا يَصْلُحُ إِلَّا للهِ وَحْدَهُ مُبَاشَرَةً دُونَ وَاسِطَةِ أَصْحَابِ القُبُورِ.
وَقَالَ تَعَالَى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ - إلى قوله - وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ).
بَلْ إِنَّ قَصْدَ قُبُورِ الصَّالِحِينَ لِسُؤَالِ اللهِ عِنْدَهَا بِدْعَةٌ؛ فَعَنِ الإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ زَيْنِ العَابِدِينَ، أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَجِيءُ إِلَى فُرْجَةٍ كَانَتْ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَدْخُلُ فِيهَا فَيَدْعُو فَنَهَاهُ. رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالمَقْدِسِيُّ فِيمَا اخْتَارَهُ مِنَ الأَحَادِيثِ الجِيَادِ.
وَالأَمْوَاتُ: مُسْلِمُهُمْ وَكَافِرُهُمْ، بَرُّهُمْ وَفَاجِرُهُمْ، لَهُمْ حَيَاةٌ خَاصَّةٌ فِي القُبُورِ، حَيَاةٌ بَرْزَخِيَّةٌ لَا تُسَوِّغُ الاسْتِعَانَةَ وَلَا الاسْتِغَاثَةَ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَوْ كَانَ نَبِيًّا أَوْ وَلِيًّا، وَلَا بِالمَلَائِكَةِ الأَحْيَاءِ.
قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ (مجموع الفتاوى 1/ 124): "فَمَنْ جَعَلَ الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَسَائِطَ يَدْعُوهُمْ وَيَتَوَكَّلُ عَلَيْهِمْ، وَيَسْأَلُهُمْ جَلْبَ الْمَنَافِعِ وَدَفْعَ الْمَضَارِّ؛ مِثْلَ أَنْ يَسْأَلَهُمْ غُفْرَانَ الذَّنْبِ، وَهِدَايَةَ الْقُلُوبِ، وَتَفْرِيجَ الْكُرُوبِ، وَسَدَّ الفَاقَاتِ: فَهُوَ كَافِرٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ".