حُكْمُ العَمَلِ فِي مَتْجَرِ بَيْعِ الخُمُورِ بِالدُّوَلِ غَيْرِ الإِسْلَامِيَّةِ

حُكْمُ العَمَلِ فِي مَتْجَرِ بَيْعِ الخُمُورِ بِالدُّوَلِ غَيْرِ الإِسْلَامِيَّةِ
سُئِلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ النُّمَيُّ – حَفِظَهُ اللهُ -: مَا حُكْمُ العَمَلِ فِي مَتْجَرِ بَيْعِ الخُمُورِ بِالدُّوَلِ غَيْرِ الإِسْلَامِيَّةِ؟
فأجاب: كُلُّ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَى المُسْلِمِ أَكْلَهُ أَوْ بَيْعَهُ أَوْ عَمَلَهُ؛ فَلَا يَجُوزُ انْتِهَاكُهُ فَوْقَ أَيِّ أَرْضٍ وَتَحْتَ أَيِّ سَمَاءٍ، فَيَحْرُمُ تَعَدِّي حُدُودِ اللهِ فِي أَيِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، فَمَا حُرِّمَ عَلَى المُسْلِمِ فَلَا يُخَصَّصُ أَوْ يُقَيَّدُ بِدَاخِلِ الدُّوَلِ الإِسْلَامِيَّةِ دُونَ الدُّوَلِ الكُفْرِيَّةِ، فَالمُحَرَّمُ حَرَامٌ تَعَاطِيهِ وَبَيْعُهُ وَتَصْنِيعُهُ وَالعَمَلُ فِي مَتَاجِرِهِ، وَالتَّحَايُلُ عَلَى اسْتِبَاحَتِهِ؛ فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ: سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ عَامَ الفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: «إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ، وَالمَيْتَةِ، وَالخِنْزِيرِ، وَالأَصْنَامِ»، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ المَيْتَةِ، فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقَالَ: «لَا، هُوَ حَرَامٌ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ ذَلِكَ: «قَاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ؛ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ اللهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
وَثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ؛ إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَدْ لَعَنَ الْخَمْرَ، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَمُسْتَقِيَهَا». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَلَهُ شَوَاهِدُ، وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ، وَالذَّهَبِيُّ.
وَعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ)، وَقَالَ: (هُمْ سَوَاءٌ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ تَعَالَى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).