عدد الزوار 165 التاريخ Wednesday, July 27, 2022 7:40 PM
فأجاب: قَالَ اللهُ تَعَالَى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
فَهَذَا تَهْدِيدٌ أَكِيدٌ وَوَعِيدٌ شَدِيدٌ عَلَى آكِلِ الرِّبَا، وَجَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَدُّ الرِّبَا مِنَ السَّبْعِ المُوبِقَاتِ، وَجَاءَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ لَعْنُ آكِلِ الرِّبَا، وَالآيَاتُ وَالأَحَادِيثُ فِي تَحْرِيمِ الرِّبَا عَامَّةٌ لَمْ تُخَصَّصْ، وَمُطْلَقَةٌ لَمْ تُقَيَّدْ؛ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَحْرِيمِ التَّعَامُلِ بِالرِّبَا مَعَ المُسْلِمِ وَالكَافِرِ وَالبَرِّ وَالفَاجِرِ، فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ.
وَذَهَبَ الحَنَفِيَّةُ إِلَى جَوَازِ أَخْذِ الرِّبَا مِنَ الكَافِرِ الحَرْبِيِّ فِي دَارِ الحَرْبِ؛ لِأَنَّ مَالَهُ حَلَالٌ لِلْمُسْلِمِ، وَالأَظْهَرُ القَوْلُ بِالتَّحْرِيمِ أَيْضًا، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَحَدِيثُ مَكْحُولٍ: (لَا رِبَا بَيْنَ مُسْلِمٍ وَحَرْبِيٍّ فِي دَارِ الحَرْبِ) مُرْسَلٌ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الشَّافِعِيُّ، وَالنَّوَوِيُّ، وَابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُمْ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: "وَيَحْرُمُ الرِّبَا فِي دَارِ الحَرْبِ، كَتَحْرِيمِهِ فِي دَارِ الإِسْلَامِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ.
وَقَالَ: "مَنْ دَخَلَ إِلَى أَرْضِ العَدُوِّ بِأَمَانٍ: لَمْ يَخُنْهُمْ فِي مَالِهِمْ، وَلَمْ يُعَامِلْهُمْ بِالرِّبَا".
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: "لَا فَرْقَ فِي تَحْرِيمِهِ - يَعْنِي الرِّبَا - بَيْنَ دَارِ الإِسْلَامِ وَدَارِ الحَرْبِ، فَمَا كَانَ حَرَامًا فِي دَارِ الإِسْلَامِ كَانَ حَرَامًا فِي دَارِ الحَرْبِ، سَوَاءٌ جَرَى بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ، أَوْ مُسْلِمٍ وَحَرْبِيٍّ، سَوَاءٌ دَخَلَهَا بِأَمَانٍ أَمْ بِغَيْرِهِ، هَذَا مَذْهَبُنَا، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَالجُمْهُورُ".