عدد الزوار 147 التاريخ Thursday, July 7, 2022 7:16 PM
فأجاب: العَرَايَا مِنْ عُقُودِ الإِرْفَاقِ وَالرُّخْصَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ العُلَمَاءِ إِلَى إِبَاحَةِ بَيْعِ العَرَايَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَحِلُّ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ المُزَابَنَةِ، وَالمُزابَنَةُ: بَيْعُ الثَّمَرِ بالتَّمْرِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَنَّهُ يَبِيعُ الرُّطَبَ بِالتَّمْرِ مِنْ غَيْرِ كَيْلٍ فِي أَحَدِهِمَا، فَلَمْ يَجُزْ.
وَالصَّحِيحُ الجَوَازُ؛ لِلْأَحَادِيثِ المُرَخِّصَةِ فِي العَرَايَا.
قَالَ ابْنُ المُنْذِرِ: الَّذِي نَهَى عَنِ المُزابَنَةِ هُوَ الَّذِي أَرْخَصَ فِي العَرَايَا.
وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَطِيبَ، وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهُ إِلَّا بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، إِلَّا العَرَايَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ فِي بَيْعِ العَرَايَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالوَسْقُ: سِتُّونَ صَاعًا.
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَرَخَّصَ فِي العَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا، يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، مَوْلَى بَنِي حَارِثَةَ، أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، وَسَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ، حَدَّثَاهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ المُزَابَنَةِ، الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، إِلَّا لِأَصْحَابِ العَرَايَا، فَإِنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهُمْ، وَعَنْ بَيْعِ العِنَبِ بِالزَّبِيبِ، وَعَنْ كُلِّ ثَمَرٍ بِخَرْصِهِ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ.
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ فِي العَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا كَيْلًا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ولِمُسْلِمٍ: أَنْ تُؤْخَذَ بِمِثْلِ خَرْصِهَا تَمْرًا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا.
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: إِنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ، لَا أَقَلَّ مِنْهُ وَلَا أَكْثَرَ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّمْرُ الَّذِي يَشْتَرِي بِهِ مَعْلُومًا بِالكَيْلِ، وَلَا يَجُوزُ جُزَافًا، لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا عِنْدَ مَنْ أَبَاحَ بَيْعَ العَرَايَا اخْتِلَافًا؛ لِمَا رَوَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ... وَمَعْنَى خَرْصِهَا بِمِثْلِهَا مِنَ التَّمْرِ، أَنْ يُطِيفَ الخَارِصُ بِالعَرِيَّةِ، فَيَنْظُرَ كَمْ يَجِيءُ مِنْهَا تَمْرًا، فَيَشْتَرِيَهَا المُشْتَرِي بِمِثْلِهَا تَمْرًا. انْتَهَى.
وَصُورَةُ العَرَايَا مَا رَوَى الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: مَا عَرَايَاكُمْ هَذِهِ؟ فَسَمَّى رِجَالًا مُحْتَاجِينَ مِنَ الأَنْصَارِ، شَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الرُّطَبَ يَأْتِي وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ يَبْتاعُونَ بِهِ رُطَبًا يَأْكُلُونَهُ، وَعِنْدَهُمْ فُضُولٌ مِنَ التَّمْرِ، فرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَبْتَاعُوا العَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ الَّذِي فِي أَيْدِيهِمْ يَأْكُلُونَهُ رُطَبًا.