عدد الزوار 176 التاريخ Monday, March 14, 2022 9:28 AM
(367)
هَلْ يَصِحُّ هَذَا الحَدِيثُ رَغْمَ انْقِطَاعِهِ عِنْدَ ابْنِ رَجَبٍ؟
سُئِلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ النُّمَيُّ – حَفِظَهُ اللهُ -: هَلْ حَدِيثُ: (الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ)، الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ ثَابِتٌ، مَعَ أَنَّ ابْنَ رَجَبٍ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالانْقِطَاعِ؟
فأجاب: الحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ اشْتَرَطَ أَنْ لَا يُخَرِّجَ فِي صَحِيحِهِ إِلَّا الحَدِيثَ الصَّحِيحَ، وَإِنْ كَانَ الإِسْنَادُ الَّذِي خَرَّجَ بِهِ الحَدِيثَ قَدْ يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ لِعِلَّةٍ لَمْ تَخْفَ عَلَى الإِمَامِ مُسْلِمٍ أَصْلًا.
وَحَدِيثُ أَبِي مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَنَّ زَيْدًا، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَلَّامٍ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ - أَوْ تَمْلَأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ، فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا».
قَالَ العَلَائِيُّ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ اليَمَامِيُّ أَحَدُ الأَعْلَامِ، تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَثِيرُ التَّدْلِيسِ، وَهُوَ مُكْثِرٌ مِنَ الإِرْسَالِ، أَيْضًا رَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ جَابِرٌ، وَأَنَسٌ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَحَدِيثُهُ عَنْهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَالبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُمْ: لَمْ يُدْرِكْ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ رَآهُ رُؤْيَةً وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ ... وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَمْ يَسْمَعْ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ مِنْ زَيْدِ بْنِ سَلَامٍ، قُلْتُ: أَثْبَتَ لَهُ أَبُو حَاتِمٍ السَّمَاعَ مِنْ زَيْدٍ، وَقَالَ الأَثْرَمُ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ: يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ سَمِعَ مِنْ زَيْدِ بْنِ سَلَامٍ؟ قَالَ: مَا أَشْبَهَهُ! وَأَمَّا مِنْ جَدِّهِ أَبِي سَلَّامٍ، فَقَدْ قَالَ حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ: أَخْرَجَ إِلَيْنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ صَحِيفَةً لِأَبِي سَلَّامٍ، فَقُلْنَا لَهُ: سَمِعْتَ مِنْ أَبِي سَلَّامٍ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ مِنْ رَجُلٍ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي سَلَّامٍ؟ قَالَ: لَا. وَكَذَلِكَ رَوَى حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ فَإِنَّمَا هُوَ كِتَابٌ.
وَقَالَ العَلَائِيُّ أَيْضًا: مَمْطُورٌ أَبُو سَلَّامٍ الحَبَشِيُّ رَوَى عَنْ حُذَيْفَةَ، وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ، وَذَلِكَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمَا، وَأَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي الحَارِثُ الأَشْعَرِيُّ، وَذَكَرَ حَدِيثَ: إِنَّ اللهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ ... الحَدِيثَ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ عَقِبَهُ: الحَارِثُ هَذَا هُوَ أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا، وَإِنَّهُ لَيْسَ كَمَا ذَكَرَ، بَلْ هُوَ غَيْرُ أَبِي مَالِكٍ. انتهى.
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ. وَخَرَّجَ هَذَا الْحَدِيثَ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ رِوَايَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ أَخِيهِ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، فَزَادَ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ غَنْمٍ، وَرَجَّحَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ، وَقَالَ: مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ أَعْلَمُ بِحَدِيثِ أَخِيهِ زَيْدٍ مِنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَيُقَوِّي ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مُنْقَطِعَةً. وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بَعْضُ الْمُخَالَفَةِ لِحَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، فَإِنَّ لَفْظَ حَدِيثِهِ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءُ الْمِيزَانِ، وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ مِلْءُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالزَّكَاةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا، أَوْ مُوبِقُهَا». وَخَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الَّذِي خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ، وَلَفْظُ حَدِيثِهِ: «الْوُضُوءُ شَطْرُ الْإِيمَانِ»، وَبَاقِي حَدِيثِهِ مِثْلُ سِيَاقِ مُسْلِمٍ. وَخَرَّجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ «رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، قَالَ: عَدَّهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي يَدِي أَوْ فِي يَدِهِ: "التَّسْبِيحُ نِصْفُ الْمِيزَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَؤُهُ، وَالتَّكْبِيرُ يَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّوْمُ نِصْفُ الصَّبْرِ، وَالطُّهُورُ نِصْفُ الْإِيمَانِ". انتهى.