عدد الزوار 171 التاريخ Tuesday, March 1, 2022 6:52 AM
(357)
تَخْرِيجُ الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ خَارِجَ الصَّحِيحَيْنِ
سُئِلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ النُّمَيُّ – حَفِظَهُ اللهُ -: هَلْ مِنْ حَاجَةٍ إِلَى تَخْرِيجِ الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ خَارِجَ الصَّحِيحَيْنِ؟
فأجاب: الحَدِيثُ المُتَّفَقُ عَلَيْهِ يَعْنِي أَنَّهُ صَحِيحٌ تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالقَبُولِ، فَلَا حَاجَةَ لِتَخْرِيجِهِ فِي غَيْرِهِمَا زِيَادَةً فِي التَّقْوِيَةِ.
وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: "نَعَمْ، مَا اتَّفَقَ السِّتَّةُ عَلَى تَوْثِيقِ رُوَاتِهِ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَإِنِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ".
وَقَدْ اهْتَمَّ المَجْدُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي كِتَابِهِ "المُنْتَقَى" بِعَزْوِ الحَدِيثِ إِلَى الجَمَاعَةِ أَوْ بَعْضِهِمْ، وَلَا يَخْلُو هَذَا العَزْوُ مِنْ فَائِدَةٍ.
وَالصَّحِيحُ أَقْسَامٌ: أَعْلَاهَا مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، ثُمَّ مَا انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي الْجُمْلَةِ، ثُمَّ مُسْلِمٌ، ثُمَّ عَلَى شَرْطِهِمَا، ثُمَّ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، ثُمَّ مُسْلِمٍ، ثُمَّ صَحِيحٌ عِنْدَ غَيْرِهِمَا.
وَفِي تَتَبُّعِ طُرُقِ الحَدِيثِ وَأَلْفَاظِهِ وَجَمْعِهَا فَوَائِدُ تَتَعَلَّقُ بِإِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ وَعُلُومِهِمَا، مِنْ حَيْثُ زِيَادَةُ الفَهْمِ وَالمَعْرِفَةِ، وَالقَبُولُ وَالرَّدُ، وَالزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ، وَعِلْمُ مُشْكِلِ الحَدِيثِ وَمُخْتَلِفِهِ، وَعِلْمُ سَبَبِ وُرُودِهِ، وَعِلْمُ النَّاسِخِ وَالمَنْسُوخِ، وَعِلْمُ غَرِيبِ الحَدِيثِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: "الْحَدِيْثُ إِذَا لَمْ تَجْمَعْ طُرُقَهُ لَمْ تَفْهَمْهُ، وَالحَدِيثُ يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا".
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: "الْحَدِيْثُ إِذَا جَمَعْتَ طُرُقَهُ تَبَيَّنَ المُرَادُ مِنْهُ، وَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَمَسَّكَ بِرِوَايَةٍ وَنَتْرُكَ بَقِيَّةَ الرِّوَايَاتِ".
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيِّ: "البَابُ إِذَا لَمْ تَجْمَعْ طُرُقَهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ".
وَمِنْ أَمْثِلَةِ فَائِدَةِ تَتَبُّعِ الأَلْفَاظِ، مَا جَاءَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
وَخَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَلَفْظُهُ: "لَا يَبْلُغُ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيْرِ".
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ مَعْنَى الرِّوَايَةِ الْمُخَرَّجَةِ فِي "الصَّحِيحَيْنِ"، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِنَفْيِ الْإِيمَانِ نَفْيُ بُلُوغِ حَقِيقَتِهِ وَنِهَايَتِهِ.