عدد الزوار 164 التاريخ Tuesday, March 1, 2022 6:51 AM
(355)
كَلَامٌ وَرَدَ فِي "تَهْذِيبِ الكَمَالِ" وَمَعْنَاهُ
سُئِلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ النُّمَيُّ – حَفِظَهُ اللهُ -: قَرَأْتُ فِي "تَهْذِيبِ الكَمَالِ" لِلْمِزِّيِّ: رَبِيعَةُ بْنُ شَيْبَانَ السَّعْدِيُّ، أَبُو الحَوْرَاءِ البَصْرِيُّ، رَوَى عَن: الحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَدِيثَ: "القُنُوتِ فِي الوِتْرِ ..."، رَوَى لَهُ الأَرْبَعَةُ هَذَا الحَدِيثَ، وَقَدْ وَقَعَ لَنَا بِعُلُوٍّ عَنْهُ. فَمَا مَعْنَى هَذَا الكَلَامِ؟
فأجاب: رَوَى التِّرْمِذِيُّ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الحَوْرَاءِ السَّعْدِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: مَا حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الكَذِبَ رِيبَةٌ»، وَفِي الحَدِيثِ قِصَّةٌ. وَأَبُو الحَوْرَاءِ السَّعْدِيُّ اسْمُهُ: رَبِيعَةُ بْنُ شَيْبَانَ، وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. ورَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ، وَالذَّهَبِيُّ. «وَفِيهِ دُعَاءُ القُنُوتِ»، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ لِلْخِلَافِ فِي أَبِي الحَوْرَاءِ، وَلَهُ شَوَاهِدُ مَرْفُوعَةٌ - فِيهَا مَقَالٌ - يَتَقَوَّى بِهَا، أَقْوَاهَا حَدِيثُ أَنَسٍ، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالبَزَّارُ، وَغَيْرُهُمَا، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ الأَعْرَابِيِّ وَغَيْرُهُمَا، وَلَهُ شَوَاهِدُ مَوْقُوفَةٌ.
وَأَبُو الْحَوْرَاءِ السَّعْدِيُّ، قَالَ الجُمْهُورُ: اسْمُهُ رَبِيعَةُ بْنُ شَيْبَانَ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالعِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَتَوَقَّفَ ابْنُ حَزْمٍ فِي صِحَّةِ حَدِيثِهِ عَنِ الحَسَنِ فِي القُنُوتِ، وَقَالَ: هَذَا الحَدِيثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ، فَإِنَّا لَمْ نَجِدْ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ – غَيْرَهُ، وَالضَّعِيفُ مِنَ الحَدِيثِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنَ الرَّأْيِ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ.
وَعَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، أَنَّ أَبَا الحَوْرَاءِ السَّعْدِيَّ الرَّاوِيَ عَنِ الحَسَنِ غَيْرُ رَبِيعَةَ بْنِ شَيْبَانَ. وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ: أَبُو الْحَوْرَاءِ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ.
وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا، فَقَوْلُ المِزِّيِّ فِي تَرْجَمَةِ رَبِيعَةَ: رَوَى لَهُ الأَرْبَعَةُ هَذَا الحَدِيثَ، وَقَدْ وَقَعَ لَنَا بِعُلُوٍّ عَنْهُ. يَعْنِي العُلُوَّ المُقَيَّدَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى رِوَايَةِ الكُتُبِ السِّتَّة،ِ فَإِنَّ العُلُوَّ فِي الإِسْنَادِ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ:
القِسْمُ الأَوَّلُ: القُرْبُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مِنْ حَيْثُ العَدَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. وَهُوَ أَفْضَلُ أَنْوَاعِ العُلُوِّ.
وَالقِسْمُ الثَّانِي: القُرْبُ إِلَى إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيثِ، كَالأَعْمَشِ، إِذَا صَحَّ الإِسْنَادُ إِلَيْهِ بِالعَدَدِ اليَسِيرِ.
وَالقِسْمُ الثَّالِثُ: العُلُوُّ المُقيَّدُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ، وَبَقِيَّةِ الكُتُبِ السِّتَّةِ.، إِذِ الرَّاوِي لَوْ رَوَى الحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ كِتَابٍ مِنَ السِّتَّةِ يَقَعُ أَنْزَلَ مِمَّا لَوْ رَوَاهُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهَا، وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ الَّذِي يَقَعُ فِيْهِ المُوَافَقَاتُ، وَالإِبْدَالُ، وَالمُسَاوَاةُ، وَالمُصَافَحَاتُ.
- فَالمُوَافَقَةُ: أَنْ يَرْوِيَ الرَّاوِي حَدِيثًا فِي أَحَدِ الكُتُبِ السِّتَّةِ بِإِسْنَادٍ لِنَفْسِهِ، مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهَا، بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ مَعَ أَحَدِ السِّتَّةِ فِي شَيْخِهِ، مَعَ عُلُوِّ هَذَا الطَّرِيقِ الَّذِي رَوَاهُ مِنْهُ عَلَى مَا لَوْ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحَدِ الكُتُبِ السِّتَّةِ.
- وَأَمَّا البَدَلُ: فَهُوَ أَنْ يُوافِقَهُ فِي شَيْخِ شَيْخِهِ.
- وَأَمَّا المُسَاوَاةُ: فَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الرَّاوِي وَبَيْنَ مَبْدَأِ الإِسْنَادِ إِلَى شَيْخِ أَحَدِ السِّتَّةِ، كَمَا بَيْنَ أَحَدِ الأَئِمَّةِ السِّتَّةِ، وَبَيْنَ مَبْدَأِ الإِسْنَادِ مِنَ العَدَدِ.
- وَأَمَّا المُصَافَحَةُ: فَهُوَ أَنْ يَعْلُوَ طَرِيقُ أَحَدِ الكُتُبِ السِّتَّةِ عَنِ المُسَاوَاةِ بِدَرَجَةٍ، فَيَكُونُ الرَّاوِي كَأَنَّهُ سَمِعَ الحَدِيثَ مِنَ البُخَارِيِّ، أَوْ مُسْلِمٍ مَثَلًا.
وَالقِسْمُ الرَّابِعُ: تَقدُّمُ وَفَاةِ الرَّاوِي عَنْ شَيْخٍ، عَلَى وَفَاةِ رَاوٍ آخَرَ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْخِ، وَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي العَدَدِ.
القِسْمُ الخَامِسُ: تَقَدُّمُ السَّمَاعِ مِنَ الشَّيْخِ، فَمَنْ تَقَدَّمَ سَمَاعُهُ مِنْ شَيْخٍ، كَانَ أَعْلَى مِمَّنْ سَمِعَ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْخِ نَفْسِهِ بَعْدَهُ.
وَكُلُّ قِسْمٍ مِنْ أَقْسَامِ العُلُوِّ ضِدُّهُ قِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِ النُّزُولِ.