عدد الزوار 154 التاريخ Tuesday, October 19, 2021 5:49 AM
فَأَجَابَ: دَلَّتِ النُّصُوصُ عَلَى أَنَّ الْجَنَّةَ فِي السَّمَاءِ، وَأَنَّ النَّارَ فِي الْأَرْضِ.
قَالَ تَعَالَى: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ)، إِلَى قَوْلِهِ: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ).
وَعَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، قَالَ: سَأَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَعْبًا وَأَنَا حَاضِرٌ عَنْ سِجِّينٍ، قَالَ: هِيَ الْأَرْضُ السَّابِعَةُ، وَفِيهَا أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ. وَسَأَلَهُ عَنْ عِلِّيِّينَ، فَقَالَ: هِيَ السَّمَاءُ السَّابِعَةُ، وَفِيهَا أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ.
وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الثَّابِتِ فِي حَقِّ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ: (فَيَقُولُ اللَّهُ: اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ). وَفِي حَقِّ الْعَبْدِ الْكَافِرِ، فَيَقُولُ اللَّهُ: اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ. قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: هَذَا إِسْنَادٌ مُتَّصِلٌ مَشْهُورٌ، رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ الْبَرَاءِ، وَهُوَ ثَابِتٌ عَلَى رَسْمِ الْجَمَاعَةِ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَقَالَ الْهَيْثَمِيُّ: رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا قُبِضَ أَتَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِحَرِيرَةٍ بَيْضَاءَ، فَيَقُولُونَ: اخْرُجِي إِلَى رُوحِ اللَّهِ، فَتَخْرُجُ كَأَطْيَبِ رِيحِ مِسْكٍ، حَتَّى أَنَّهُ لَيُنَاوِلُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا يَشَمُّونَهُ، حَتَّى يَأْتُوا بِهِ بَابَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُونَ: مَا هَذِهِ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ الَّتِي جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الْأَرْضِ؟ وَلَا يَأْتُونَ سَمَاءً إِلَّا قَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى يَأْتُوا بِهِ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ ... قَالَ: وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَأْتِيهِ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ بِمُسْحٍ، فَيَقُولُونَ: اخْرُجِي إِلَى غَضَبِ اللَّهِ، فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ، فَتَذْهَبُ بِهِ إِلَى الْأَرْضِ".
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: (إِنَّ الْجَنَّةَ فِي السَّمَاءِ، وَإِنَّ النَّارَ فِي الْأَرْضِ). أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: ((أَنَّ الْجَنَّةَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ))، وَيَجْعَلُهَا اللَّهُ تَعَالَى حَيْثُ شَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ((وَجَهَنَّمَ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ)). رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ.
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((الْجَنَّةُ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَعَلَهَا اللَّهُ حَيْثُ شَاءَ، وَالنَّارُ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَعَلَهَا اللَّهُ حَيْثُ شَاءَ)). أَخْرَجَهُ ابْنُ مَنْدَهْ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: (أَيْنَ الْجَنَّةُ؟ قَالَ: فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، قُلْتُ: فَأَيْنَ النَّارُ؟ قَالَ: تَحْتَ سَبْعَةِ أَبْحُرٍ مُطْبَقَةٍ). رَوَاهُ ابْنُ مَنْدَهْ.
وَعَنْ قَتَادَةَ، قَالَ:(كَانُوا يَقُولُونَ: الْجَنَّةُ فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، وَإِنَّ جَهَنَّمَ فِي الْأَرَضِينَ السَّبْعِ). رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: (أُتِيْتُ بِالْبُرَاقِ، فَلَمْ نُزَايِلْ طَرَفَهُ أَنَا وَجِبْرِيلُ، حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَفُتِحَ لَنَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَرَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ.
فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَأَى النَّارَ وَهُوَ فِي السَّمَاءِ، وَإِنْ كَانَ مَكَانُهَا الْأَرْضَ، كَمَا أَنَّهُ رَأَى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَهُوَ فِي الْأَرْضِ، وَكَانَتْ الْجَنَّةُ فِي السَّمَاءِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.