عدد الزوار 279 التاريخ 01/01/2021
فَأَجَابَ: يَنْبَغِي الإِحْسَانُ وَالرِّفْقُ بِالبَهِيمَةِ، فعَنْ أَبِي يَعْلَى شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ -: "اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ البَهَائِمِ المُعْجَمَةِ، فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً، وَكُلُوهَا صَالِحَةً". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي «صَحِيحَيْهِمَا»، وَصَحَّحَ إِسْنَادَهُ النَّوَوِيُّ.
وَكَتَبَ ابْنُ رَجَبٍ: "خَرَّجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَدِّ الشِّفَارِ، وَأَنْ تُوَارَى عَنِ الْبَهَائِمِ، وَقَالَ: إِذَا ذَبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجْهِزْ»؛ يَعْنِي: فَلْيُسْرِعِ الذَّبْحَ.
وَخَرَّجَ الْخَلَّالُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَجُلٍ وَاضِعٍ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَةِ شَاةٍ وَهُوَ يُحِدُّ شَفْرَتَهُ، وَهِيَ تَلْحَظُ إِلَيْهِ بِبَصَرِهَا، فَقَالَ: أَفَلَا قَبْلَ هَذَا؟ تُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَاتٍ؟». وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا، خَرَّجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ زِيَادَةٌ: «هَلَّا حَدَدْتَ شَفْرَتَكَ قَبْلَ أَنْ تُضْجِعَهَا؟». وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: تُقَادُ إِلَى الذَّبْحِ قَوْدًا رَفِيقًا، وَتُوَارَى السِّكِّينُ عَنْهَا، وَلَا تُظْهَرُ السِّكِّينُ إِلَّا عِنْدَ الذَّبْحِ، أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِذَلِكَ: أَنْ تُوَارَى الشِّفَارُ.
وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِقَطْعِ الْأَوْدَاجِ عِنْدَ الذَّبْحِ، كَمَا خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّهُ نَهَى عَنْ شَرِيطَةِ الشَّيْطَانِ، وَهِيَ الَّتِي تَذْبَحُ فَتَقْطَعُ الْجِلْدَ، وَلَا تَفْرِي الْأَوْدَاجَ»، وَخَرَّجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"، وَعِنْدَهُ قَالَ عِكْرِمَةُ: كَانُوا يَقْطَعُونَ مِنْهَا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ، ثُمَّ يَدَعُونَهَا حَتَّى تَمُوتَ، وَلَا يَقْطَعُونَ الْوَدَجَ، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي كِتَابِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: «إِنَّ جَزَّارًا فَتَحَ بَابًا عَلَى شَاةٍ لِيَذْبَحَهَا، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ حَتَّى جَاءَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَاتَّبَعَهَا، فَأَخَذَ يَسْحَبُهَا بِرِجْلِهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اصْبِرِي لِأَمْرِ اللَّهِ، وَأَنْتَ يَا جَزَّارُ فَسُقْهَا إِلَى الْمَوْتِ سَوْقًا رَفِيقًا».
وَبِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ عُمَرَ رَأَى رَجُلًا يَسْحَبُ شَاةً بِرِجْلِهَا لِيَذْبَحَهَا، فَقَالَ لَهُ: وَيْلَكَ! قُدْهَا إِلَى الْمَوْتِ قَوْدًا جَمِيلًا.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَأَى قَصَّابًا يَجُرُّ شَاةً، فَقَالَ: سُقْهَا إِلَى الْمَوْتِ سَوْقًا جَمِيلًا، فَأَخْرَجَ الْقَصَّابُ شَفْرَتَهُ، فَقَالَ: مَا أَسُوقُهَا سَوْقًا جَمِيلًا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَذْبَحَهَا السَّاعَةَ، فَقَالَ: سُقْهَا سَوْقًا جَمِيلًا.
وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَذْبَحَ الشَّاةَ وَأَنَا أَرْحَمُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَالشَّاةَ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللَّهُ»". انتهى.