عدد الزوار 254 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: جَاءَتِ الشَّرِيعَةُ الإِسْلَامِيَّةُ بِالقِسْمَةِ الحَكِيمَةِ الجَامِعَةِ بَيْنَ حَقِّ الفَرْدِ وَالمُجْتَمَعِ، وَحَقِّ القَرِيبِ وَالفَقِيرِ.
قال تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ).
فَجَزَّأَتْ هَذِهِ الآيَةُ الأُضْحِيَةَ جُزْئَيْنِ: نِصْفًا لِلْمُضَحِّي، يَأْكُلُ مِنْهُ، وَيَحْبِسُ، وَيُهْدِي، وَنِصْفًا لِلْفُقَرَاءِ.
وقال تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ)، قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: قَوْلُهُ: (فَكُلُوا مِنْهَا)؛ أَمْرُ إِبَاحَةٍ، وَقِيلَ: لِلْوُجُوبِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ الأَكْلَ مِنَ الأُضْحِيَةِ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ، حَتَّى إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ - وَهِيَ مِائَةٌ – بِبَضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ، فَطُبِخَتْ، فَأَكَلَ مِنْ لَحْمِهَا، وَشَرِبَ مِنْ مَرَقِهَا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَدْ جَزَّأَتْ الآيَةُ هَذِهِ الأُضْحِيَةَ إِلَى ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ: ثُلُثٍ لِلْمُضَحِّي، يَأْكُلُ مِنْهُ وَيَدَّخِرُ، وَثُلُثٍ يُهْدِيهِ، وَثُلُثٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ.
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (كُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُوا، وَتَزَوَّدُوا، وَادَّخِرُوا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُوا، وَأَطْعِمُوا، وَادَّخِرُوا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ بُرَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُوا مَا بَدَا لَكُمْ، وَأَطْعِمُوا، وَادَّخِرُوا». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وَجَاءَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ - حَسَّنَهُ الأَصْفَهَانِيُّ - تَفْرِقَتُهَا أَثْلَاثًا: لَهُ، وَلِقَرَابَتِهِ، وَلِلْفُقَرَاءِ، وَإِلَى هَذَا التَّقْسِيمِ ذَهَبَ أَحْمَدُ، وَالشَّافِعِيُّ.
وَيَجُوزُ التَّفَاوُتُ فِي الأَثْلَاثِ؛ بَلْ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يَجُوزُ أَكْلُهَا كُلِّهَا. وَأَوْجَبَ بَعْضُهُمُ الصَّدَقَةَ مِنْهَا.
وَثَبَتَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً، فَقَالَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا بَقِيَ مِنْهَا؟، قَالَتْ: مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا، قَالَ: (بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَحَسَّنَهُ ابْنُ حَجَرٍ.