عدد الزوار 237 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: الأَصْلُ فِي المَأْكُولَاتِ الحِلُّ، فَمَا سُكِتَ عَنْهُ؛ كَالفِيلِ، وَالبَبْغَاءِ، وَغَيْرِهِمَا: يَجُوزُ أَكْلُهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا)، وَقَدْ يَدُلُّ دَلِيلٌ خَاصٌّ عَلَى الإِبَاحَةِ؛ كَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ فِي حِلِّ أَكْلِ الضَّبِّ، وَالحَدِيثِ المَرْوِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي حِلِّ أَكْلِ الجَرَادِ، وَحَدِيثِ جَابِرٍ الثَّابِتِ فِي حِلِّ أَكْلِ الضَّبُعِ؛ خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ، أَوْ يَدُلُّ دَلِيلٌ عَامٌّ عَلَى الإِبَاحَةِ؛ كَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الصَّحِيحِ فِي البَحْرِ: (هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الحِلُّ مَيْتَتُهُ). رَوَاهُ الخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الحَيَوَانَاتُ البَحْرِيَّةُ وَالبَرْمَائِيَّةُ عَلَى الرَّاجِحِ كَالسُّلَحْفَاةِ، إِلَّا أَنَّهَا تُذَكَّى، وَاخْتُلِفَ فِي التِّمْسَاحِ لِلنَّابِ، وَالأَظْهَرُ حِلُّهُ، وَتَرْكُهُ أَحْوَطُ، فَقَدْ كَرِهَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَحَرَّمَهُ الجُمْهُورُ. وَلَا يَحْرُمُ أَكْلُ طَائِرٍ وَلَا حَيَوَانٍ بَرِّيٍّ أَوْ بَحْرِيٍّ، كَبِيرٍ كَالفِيلِ، أَوْ صَغِيرٍ كَالنَّمْلَةِ، إِلَّا بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ صَرِيحٍ خَاصٍّ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ)، أَوْ عَامٍّ كَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -: (نَهَى رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
فَكُلُّ سَبْعٍ عَادٍ يَفْتَرِسُ بِنَابِهِ، أَوْ يَصِيدُ بِمِخْلَبِهِ فَحَرَامٌ، وَكَالحَشَرَاتِ المُسْتَقْذَرَةِ؛ فَهِيَ حَرَامٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ، وَضَابِطُ المُسْتَقْذَرِ مَا اسْتُقْذِرَ فِي القَرْنِ الأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ الضَّارَّاتُ مُحَرَّمَةٌ؛ كَذَوَاتِ السُّمُومِ، مِثْلَ: الدَّابِّ وَنَحْوِهَا.
قَالَ تَعَالَى: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ). فَكُلُّ مُحَرَّمٍ خَبِيثٌ.
وَقَدْ يَحْرُمُ المَأْكُولُ لِعِلَّةٍ، فَيَدُورُ الحُكْمُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا، كَحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو الثَّابِتِ: (نَهَى رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الجَلَّالَةِ؛ يَعْنِي الَّتِي تَتَغَذَّى عَلَى النَّجَاسَاتِ وَالجِيَفِ). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَحَسَّنَ إِسْنَادَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَوَثَّقَ رِجَالَهُ الهَيْثَمِيُّ.
وَيَحْرُمُ مَا أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: (لَا أَعْلَمُ بَيْنَ عُلَمَاءِ المُسْلِمِينَ خِلَافًا أَنَّ القِرْدَ لَا يُؤْكَلُ).
وَمِنَ المُحَرَّمَاتِ مَا أُمِرْنَا بِقَتْلِهِ؛ كَحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: (خَمْسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ فِي الحِلِّ وَالحَرَمِ: الحَيَّةُ، وَالغُرَابُ الأَبْقَعُ، وَالفَأْرَةُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ، وَالحُدَيَّا). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. أَوْ نُهِينَا عَنْ قَتْلِهِ؛ كَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا – الثَّابِتِ، قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنَ الدَّوَابِّ: النَّمْلَةِ، وَالنَّحْلَةِ، وَالهُدْهُدِ، وَالصُّرَدِ). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ.
وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ مَا تَوَلَّدَ مِنْ حَلَالٍ وَحَرَامٍ، كَالبَغْلِ المُتَوَلَّدِ بَيْنَ الحِمَارِ الإِنْسِيِّ وَالخَيْلِ، وَالسَّمْعِ المُتَوَلَّدِ بَيْنَ الذِّئْبِ وَالضَّبُعِ.
وَقَدْ يَحْرُمُ المَطْعُومُ لِسَبَبٍ، كَذَبِيحَةِ الكَافِرِ، أَوْ يَحِلُّ لِعَارِضٍ كَالضَّرُورَةِ إِلَى أَكْلِهِ.
وَمَا كَانَ مِنَ الشُّبُهَاتِ كَالقُنْفُذِ؛ لِلاخْتِلَافِ فِي حِلِّهِ وَحُرْمَتِهِ: فَيُتَّقَى؛ لِحَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: (فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَاللهُ أَعْلَمُ.