عدد الزوار 198 التاريخ 01/01/2021
سُئِلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ النُّمَيُّ - حَفِظَهُ اللهُ -: مَا حُكْمُ أَكْلِ السَّمَكِ المَيِّتِ عَلَى سَطْحِ البَحْرِ؟
فأجاب: الرَّاجِحُ أَنَّ السَّمَكَ الطَّافِيَ عَلَى البَحْرِ، الَّذِي مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، أَوْ قُتِلَ بِأَيِّ طَرِيقَةٍ؛ يَجُوزُ أَكْلُهُ، وَهُوَ رَأْيُ جُمْهُورِ العُلَمَاءِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللهُ - وَغَيْرِهِ. قَالَ تَعَالَى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ)؛ فَطَعَامُهُ هُوَ مَا قَذَفَهُ البَحْرُ، وَطَفَا عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.
وَيَدُلُّ عَلَى الجَوَازِ أَيْضًا: مَا صَحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَاءِ الْبَحْرِ: (هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ). رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَقَدِ اتُّفِقَ عَلَى صِحَّتِهِ.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ، وانْطَلَقْنَا عَلَى ساحِلِ البَحْرِ، فَرُفِعَ لنَا عَلَى ساحِلِ البَحْرِ كَهَيْئَةِ الكَثِيبِ الضَّخْمِ، فَأَتيْنَاهُ، فَإِذَا هِيَ دَابَّةٌ تُدْعَى: العَنْبَرَ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَيْتَةٌ، ثُمَّ قَالَ: لَا، بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَدِ اضْطُرِرْتُمْ فَكُلُوا، فَأَقَمْنَا عَلَيْهِ شَهْرًا، وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ، حَتَّى سَمِنَّا، وَلَقَدْ رَأَيتُنَا نَغْتَرِفُ مِنْ وَقْبِ عَيْنِهِ بِالْقِلَالِ الدُّهْنَ، وَنَقْطَعُ منْهُ الْفِدَرَ كَالثَّوْرِ، أَوْ كَقَدْرِ الثَّوْرِ، وَلَقَدْ أَخَذَ مِنَّا أَبُو عُبيْدَةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَأَقْعَدَهُمْ فِي وَقْبِ عَيْنِهِ، وَأَخَذَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَأَقَامَهَا، ثُمَّ رَحَلَ أَعْظَمَ بَعِيرٍ مَعَنَا، فَمَرَّ مِنْ تَحْتِهَا، وَتَزَوَّدْنَا مِنْ لحْمِهِ وَشَائِقَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ لَكُمْ، فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ فَتُطْعِمُونَا؟ فَأَرْسلْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مِنْهُ، فَأَكَلَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
أَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارَقُطْنِيَّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، عَنِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: (كُلُوا مَا حَسَرَ عَنْهُ البَحْرُ، وَمَا أَلْقَاهُ، وَمَا وَجَدْتُمُوهُ مَيْتًا أَوْ طَافِيًا فَوْقَ المَاءِ فَلَا تَأْكُلُوهُ)؛ فَضَعِيفٌ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارَقُطْنِيَّ، وَالرَّاجِحُ وَقْفُهُ.