عدد الزوار 111 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا).
أَخَذَ جُمْهُورُ العُلَمَاءِ مِنَ الآيَةِ: أَنَّهُ يَجُوزُ طَلَاقُ مَنْ لَمْ يُدْخَلْ بِهَا أَثْنَاءَ الحَيْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَهَذَا هُوَ المَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ، وَلِلْمَالِكِيَّةِ رِوَايَةٌ أُخْرَى: المَنْعُ مِنَ الطَّلَاقِ فِي الحَيْضِ، وَلَوْ لِغَيْرِ المَدْخُولِ بِهَا.
وَمَعَ أَنَّ قَوْلَ الجُمْهُورِ أَوْجَهُ، إِلَّا أَنَّ قَتَادَةَ قَالَ: (وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا)، قَالَ: طَلَاقُهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ. وَقَالَ القُرْطُبِيُّ: «جَمِيلًا»؛ سُنَّةً غَيْرَ بِدْعَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: "فَأَمَّا غَيْرُ المَدْخُولِ بِهَا، وَالحَامِلُ الَّتِي تَبَيَّنَ حَمْلُهَا، وَالآيِسَةُ، وَالَّتِي لَمْ تَحِضْ، فَلَا سُنَّةَ لِطَلَاقِهَا وَلَا بِدْعَةَ". انتهى.
وَاتَّفَقَ العُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا فِي الحَيْضِ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا؛ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ وَيَعْقِدَ عَلَيْهَا.
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: "أَجْمَعَ أَهْلُ العِلْمِ عَلَى أَنَّ غَيْرَ المَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا يَسْتَحِقُّ مُطَلِّقُهَا رَجْعَتَهَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي العِدَّةِ، وَلَا عِدَّةَ قَبْلَ الدُّخُولِ". انتهى
وَإِذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الخَلْوَةِ، فَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الفُقَهَاءِ؛ فَالجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ بَائِنٌ، فَلَا رَجْعَةَ فِيهِ إِلَّا بَعْدَ عَقْدٍ جَدِيدٍ، وَذَهَبَ الحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ، فَلِلزَّوْجِ أَنْ يُرَاجِعَ فِيهِ زَوْجَتَهُ دُونَ رِضَاهَا، وَدُونَ عَقْدٍ جَدِيدٍ، مَا دَامَتْ فِي العِدَّةِ.
وَاللهُ أَعْلَمُ.