عدد الزوار 111 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: جَاءَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَيْمَنَ، مَوْلَى عَزَّةَ، يَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ يَسْمَعُ ذَلِكَ: كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا؟، فَقَالَ: طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لِيُرَاجِعْهَا، فَرَدَّهَا، وَقَالَ: إِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْ، أَوْ لِيُمْسِكْ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَقَرَأَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ) فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ".
وَرَوَى مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: (مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا، أَوْ حَامِلًا). رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَلَمْ يَقُلْ: "أَوْ رَاضِيَةً"، وَلَمْ يَسْتَفْصِلِ النَّبِيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنِ ابْنِ عُمَرَ: هَلِ الطَّلَاقُ عَنْ تَرَاضٍ أَمْ لَا، وَالقَاعِدَةُ الأُصُولِيَّةُ تَقُولُ: «تَرْكُ الاسْتِفْصَالِ فِي مَقَامِ الاحْتِمَالِ، يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ العُمُومِ فِي المَقَالِ»، فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ الاحْتِيَاطُ لِدِينِهِ، فَيَتَّبِعُ وَلَا يَبْتَدِعُ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: "مَنْ أَرَادَ السُّنَّةَ، فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا عَنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، وَيُشْهِدُ". رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيَّ.
وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ: "الطَّلَاقُ المَنْهِيُّ عَنْهُ، كَالطَّلَاقِ فِي زَمَنِ الحَيْضِ، فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ: إِنَّهُ قَدْ نُهِيَ عَنْهُ لِحَقِّ الزَّوْجِ، حَيْثُ كَانَ يُخْشَى عَلَيْهِ أَنْ يُعْقِبَهُ فِيهِ النَّدَمَ، وَمَنْ نُهِيَ عَنْ شَيْءٍ رِفْقًا بِهِ، فَلَمْ يَنْتَهِ عَنْهُ؛ بَلْ فَعَلَهُ وَتَجَشَّمَ مَشَقَّتَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِبُطْلَانِ مَا أَتَى بِهِ، كَمَنْ صَامَ فِي المَرَضِ أَوِ السَّفَرِ... وَقِيلَ: إِنَّمَا نَهَى عَنْ طَلَاقِ الحَائِضِ لِحَقِّ المَرْأَةِ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الإِضْرَارِ بِهَا لِتَطْوِيلِ العِدَّةِ، وَلَوْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ بِأَنْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ بِعِوَضٍ فِي الحَيْضِ، فَهَلْ يَزُولُ بِذَلِكَ تَحْرِيمُهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ لِلْعُلَمَاءِ، وَالمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِنَا، وَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَزُولُ التَّحْرِيمُ بِذَلِكَ، فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ التَّحْرِيمَ فِيهِ لِحَقِّ الزَّوْجِ خَاصَّةً، فَإِذَا أَقْدَمَ عَلَيْهِ فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فَسَقَطَ، وَإِنْ عُلِّلَ بِأَنَّهُ لِحَقِّ المَرْأَةِ لَمْ يَمْنَعْ نُفُوذَهُ وَوُقُوعَهُ أَيْضًا، فَإِنَّ رِضَا المَرْأَةِ بِالطَّلَاقِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِوُقُوعِهِ عِنْدَ جَمِيعِ المُسْلِمِينَ، لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ سِوَى شِرْذِمَةٍ يَسِيرَةٍ مِنَ الرَّوَافِضِ وَنَحْوِهِمْ .. وَلَكِنْ إِذَا تَضَرَّرَتِ المَرْأَةُ بِذَلِكَ، وَكَانَ قَدْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ طَلَاقِهَا، أُمِرَ الزَّوْجُ بِارْتِجَاعِهَا".
وَاللهُ أَعْلَمُ.