عدد الزوار 119 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: دَلَّ القُرْآنُ وَصَحِيحُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ الذُّنُوبَ وَالمَعَاصِيَ سَبَبٌ فِي القَحْطِ، وَالجَدْبِ، وَمَحْقِ الخَيْرَاتِ، وَنَزْعِ البَرَكَاتِ، وَأَنَّ الطَّاعَةَ وَالاسْتِقَامَةَ سَبَبٌ فِي نُزُولِ المَطَرِ، وَكَثْرَةِ الخَيْرَاتِ، وَحُلُولِ البَرَكَاتِ، قَالَ تَعَالَى: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا ۖ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ).
وَقَالَ تَعَالَى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ).
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا وَلِيَ الظَّالِمُ سَعَى بِالظُّلْمِ وَالفَسَادِ، فَيُحْبَسُ بِذَلِكَ القَطْرُ، فَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ، وَاللهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ، ثُمَّ قَرَأَ: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).
فَاللهُ يَبْتَلِي عِبَادَهُ المُسْلِمِينَ وَعِبَادَهُ الكَافِرِينَ بِمَا شَاءَ مِنْ سَرَّاءَ وَضَرَّاءَ، وَشِدَّةٍ وَرَخَاءٍ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُذَكِّرُ أَوْلِيَاءَهُ بِحَبْسِ القَطْرِ، وَجَدْبِ الأَرْضِ؛ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ، أَمَّا أَعْدَاؤُهُ؛ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: (وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ)، وَقَدْ أَمْلَى اللهُ لَهُمْ، وَاسْتَدْرَجَهُمْ بِأَنْوَاعٍ مِنَ النِّعَمِ؛ فِتْنَةً وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا ۚ وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ).
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ اللهَ يُعْطِي العَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ، فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلَهُ تَعَالَى: (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَقَدْ صُحِّحَ.
قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: "مَنْ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرَ أَنَّهُ يَمْكُرُ بِهِ، فَلَا رَأْيَ لَهُ، وَمَنْ قَتَرَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرَ أَنَّهُ يَنْظُرُ لَهُ، فَلَا رَأْيَ لَهُ".
وَقَالَ الفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: "عَلَيْكُمْ بِمُلَازَمَةِ الشُّكْرِ عَلَى النِّعَمِ، فَقَلَّ نِعْمَةٌ زَالَتْ عَنْ قَوْمٍ فَعَادَتْ إِلَيْهِمْ، وَإِذَا رَأَيْتَ رَبَّكَ يُوَالِي عَلَيْكَ نِعَمَهُ وَأَنْتَ تَعْصِيهِ؛ فَاحْذَرْهُ، وَالعَبْدُ إِذَا كَانَتْ لَهُ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةٌ فَحَفِظَهَا، وَبَقِيَ عَلَيْهَا، ثُمَّ شَكَرَ اللهَ عَلَى مَا أَعْطَاهُ؛ آتَاهُ أَشْرَفَ مِنْهَا، وَإِذَا ضَيَّعَ الشُّكْرَ اسْتَدْرَجَهُ اللهُ".
ثُمَّ إِنَّ الكُفَّارَ ثَوَابُ أَعْمَالِهِمُ الحَسَنَةِ فِي دُنْيَاهُمْ، وَثَبَتَ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، مَا سَقَى كَافِرًا مِنهَا شَرْبَةَ مَاءٍ). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَاللهُ أَعْلَمُ.