عدد الزوار 126 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾.
حَصَرَتِ الآيَةُ قَضَاءَ الوَطَرِ الجَائِزِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الأَزْوَاجِ، وَجَازَ لِلرِّجَالِ خَاصَّةً دُونَ النِّسَاءِ أَيْضًا مِلْكُ اليَمِينِ، وَهُنَّ الإِمَاءُ.
وَمَا عَدَا هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ فَحَرَامٌ وَعُدْوَانٌ، فَلَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ وَلَا لِلْمَرْأَةِ الاسْتِمْنَاءُ بِاليَدِ، وَلَا غَيْرِهَا.
فَعَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ الرَّجُلِ يَجْلِدُ عُمَيْرَةَ؛ (يَعْنِي العَادَةَ السِّرِّيَّةَ أَوِ السَّيِّئَةَ، وَيُقَالُ لَهَا: الخَضْخَضَةُ)، فَتَلَا هَذِهِ الآيَةَ: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ - إِلَى قَوْلِهِ - العَادُونَ".
وَقَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ: "فَلَا يَحِلُّ العَمَلُ بِالذَّكَرِ إِلَّا فِي الزَّوْجَةِ، أَوْ فِي مِلْكِ اليَمِينِ، وَلَا يَحِلُّ الاسْتِمْنَاءُ".
وَحُكِيَ التَّحْرِيمُ عَنْ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.
وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: "عَلَى فَاعِلِهِ التَّعْزِيرُ، وَلَيْسَ مِثْلَ الزِّنَا، وَذُكِرَ أَنَّهُ حَرَامٌ إِلَّا لِلْمُضْطَرّ". وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا حُكِيَ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَمَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ؛ فَذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ العَنَتَ وَالوُقُوعَ فِي الزِّنَا:
حَنَانَيْكَ بَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضِ
فَيَرْتَكِبُ أَخَفَّ الضَّرَرَيْنِ لِدَفْعِ أَشَدِّهِمَا، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَمِمَّا يُؤَكِّدُ تَحْرِيمَ نِكَاحِ اليَدِ: مَا فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ).
فَلَوْ كَانَ الاسْتِمْنَاءُ بِاليَدِ حَلَالًا؛ لَدَلَّ الشَّبَابَ عَلَيْه، فَإِنَّ الصَّوْمَ لَا يَلْجَأُ إِلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَقَدْ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ.
وَقَالَ القُرْطُبِيُّ: "وَعَامَّةُ العُلَمَاءِ عَلَى تَحْرِيمِهِ. وَقَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: إِنَّهُ كَالفَاعِلِ بِنَفْسِهِ، وَهِيَ مَعْصِيَةٌ أَحْدَثَهَا الشَّيْطَانُ ... وَلَوْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِهَا؛ لَكَانَ ذُو المُرُوءَةِ يُعْرِضُ عَنْهَا لِدَنَاءَتِهَا". انتهى.
وَلَا يَفُوتُنَا أَنْ نُنَبِّهَ إِلَى أَنَّ فِي الإِكْثَارِ مِنْ هَذِهِ العَادَةِ القَبِيحَةِ ضَرَرًا مُسْتَقْبَلِيًّا عَلَى القُوَّةِ الفِرَاشِيَّةِ مَعَ الزَّوْجَةِ.
وَاللهُ أَعْلَمُ.