عدد الزوار 107 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الكِلَابِ وَلَوْ مُعَلَّمَةً عَلَى الصَّيْدِ وَالحِرَاسَةِ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ العُلَمَاءِ، وَالبَيْعُ بَاطِلٌ، وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الثَّمَنِ لِشِرَائِهِ إِذَا كَانَ مُعَلَّمًا، إِلَّا إِذَا اضْطُرَّ لِذَلِكَ، وَالإِثْمُ عَلَى بَائِعِهِ، فَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: (نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ). رواه البخاري. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ).
وَاقْتِرَانُ ثَمَنِهِ بِمَا ذُكِرَ يَدُلُّ عَلَى البَشَاعَةِ.
وَثَبَتَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَا يَحِلُّ ثَمَنُ الْكَلْبِ). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
وَثَبَتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وَإِنْ جَاءَ يَطْلُبُ ثَمَنَ الْكَلْبِ فَامْلَأْ كَفَّهُ تُرَابًا)، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: "وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَكَوْنُهُ مِنْ شَرِّ الْكَسْبِ، وَكَوْنُهُ خَبِيثًا؛ فَيَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَلَا يَحِلُّ ثَمَنُهُ، وَلَا قِيمَةَ عَلَى مُتْلِفِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مُعَلَّمًا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ اِقْتِنَاؤُهُ أَمْ لَا، وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ؛ مِنْهُمْ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَدَاوُدُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَصِحُّ بَيْعُ الْكِلَابِ الَّتِي فِيهَا مَنْفَعَةٌ، وَتَجِبُ الْقِيمَةُ عَلَى مُتْلِفهَا.
وَحَكَى اِبْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ جَابِرٍ، وَعَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ: جَوَازَ بَيْعِ كَلْبِ الصَّيْدِ دُونَ غَيْرِهِ". انتهى.
وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ". فَالاسْتِثْنَاءُ ضَعِيفٌ، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَقَالَ: هَذَا مُنْكَرٌ. وَقَالَ السِّنْدِيُّ: ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ المُحَدِّثِينَ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: "وَأَمَّا الأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي النَّهْيِ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ، وَأَنَّ عُثْمَانَ غَرَّمَ إِنْسَانًا ثَمَنَ كَلْبٍ قَتَلَهُ عِشْرِينَ بَعِيرًا، وَعَنْ اِبْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ التَّغْرِيمُ فِي إِتْلَافِهِ؛ فَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ" انتهى.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: "وَلا يَحِلُّ بَيْعُ كَلْبٍ أَصْلًا، لَا كَلْبَ صَيْدٍ، وَلَا كَلْبَ مَاشِيَةٍ، وَلَا غَيْرَهُمَا، فَإِنْ اضْطُرَّ إلَيْهِ، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُعْطِيه إيَّاهُ؛ فَلَهُ ابْتِيَاعُهُ، وَهُوَ حَلَالٌ لِلْمُشْتَرِي، حَرَامٌ عَلَى الْبَائِعِ، يَنْتَزِعُ مِنْهُ الثَّمَنَ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ".
وَاللهُ أَعْلَمُ.