عدد الزوار 83 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: مِنَ المُحْدَثَاتِ فِي عَصْرِنَا: الاحْتِفَالَاتُ السَّنَوِيَّةُ لِلْمُنَاسَبَاتِ الدَّوْرِيَّةِ؛ كَيَوْمِ المَوْلِدِ، وَيَوْمِ الزَّوَاجِ، وَيَوْمِ الأُمِّ، وَأَكْبَرَ مِنْهَا؛ كَعِيدِ الحُبِّ، وَعِيدِ رَأْسِ السَّنَةِ، وَأَعْيَادِ شَعَائِرِ الدِّيَانَاتِ كَعِيدِ مِيلَادِ المَسِيحِ وَغَيْرِهَا، وَالتِي يَظْهَرُ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ شَعَائِرِ العِيدِ؛ كَاللِّبَاسِ وَالطَّعَامِ وَالهَدَايَا وَالفَرَحِ، وَتَعُودُ تِلْكَ المُنَاسَبَاتُ فِي كُلِّ عَامٍ، مِمَّا يُعْطِيهَا صِبْغَةَ العِيدِ.
وَفِي الحَدِيثِ الثَّابِتِ: «لَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. أَيْ: يُفْعَلُ عِنْدَهُ نَحْوُ مَا يُفْعَلُ فِي العِيدِ.
فَتِلْكَ المُحْدَثَاتُ بِدْعَةٌ، وَإِنْ كَانَ المَقْصِدُ فِيهَا حَسَنًا، وَالهَدَفُ مِنْهَا الذِّكْرَيَاتِ؛ لِمَا ثَبَتَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، قَالَ: "كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ.
فَالبَدَلُ سُنَّةٌ وَالمُبْدَلُ بِدْعَةٌ، فَمَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَدْ رَدَّ عَلَى اللهِ قَضَاءَهُ، فَفِي الحَدِيثِ: «إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهَذَا عِيدُنَا». متفق عليه.
فَمَنْ أَقَامَ احْتِفَالًا مُضَاهِيًا لِلْعِيدِ الشَّرْعِيِّ، فَقَدْ رَغِبَ عَنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القَائِلِ: (فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي). متفق عليه.
ثُمَّ إِنَّ فِي تِلْكَ الاحْتِفَالَاتِ تَشَبُّهًا بِالكُفَّارِ وَاتِّبَاعًا لِسَنَنِهِمْ، وَقَدْ نُهِينَا فِي الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِهِمْ، وَأُمِرْنَا بِمُخَالَفَتِهِمْ وَعَدَمِ مُوَافَقَتِهِمْ، وَحُذِّرْنَا مِنَ التَّبَعِيَّةِ لَهُمْ، وَأُخْبِرْنَا بِأَنَّ النَّاسَ لَنَا تَبَعٌ.
وَعَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟»، قَالُوا: لَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَقَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ). قَالَ مُجَاهِدٌ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: "أَعْيَادُ المُشْرِكِينَ".
وَاللهُ أَعْلَمُ.