عدد الزوار 242 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: الأُضْحِيَةُ شَعِيرَةٌ مِنْ شَعَائِرِ الإِسْلَامِ، وَقُرْبَةٌ مِنْ قُرَبِهِ العِظَامِ بِإِجْمَاعِ العُلَمَاءِ، قَالَ تَعَالَى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، وَقَدْ ضَحَّى النَّبِيُّ ﷺ، وَأَمَرَ بِالأُضْحِيَةِ، وَحَضَّ عَلَيْهَا، فَمِنْ ذَلِكَ مَا جَاءَ عَنْ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ - رَضِيَ الله عَنْهُ - قَالَ: كُنَّا وُقُوفًا مَعَ النَّبِيِّ - ﷺ - بِعَرَفَاتٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَةٌ). رَوَاهُ الخَمْسَةُ، وَقَوَّى إِسْنَادَهُ ابْنُ حَجَرٍ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي حُكْمِهَا عَلَى أَقْوَالٍ:
القَوْلُ الأَوَّلُ: أَنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ تَيْمِيَةَ.
القَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ الجُمْهُورِ، وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَصَحَّ أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَنِ الجُمْهُورِ. وَلَيْسَ فِي الآثَارِ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا. انتهى.
وَلِلتِّرْمِذِيِّ مُحَسَّنًا: (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الأُضْحِيَةِ: أَهِيَ وَاجِبَةٌ؟ فَقَالَ: ضَحَّى رَسُولُ اللهِ - ﷺ - وَالمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ).
فَيَنْبَغِي عَلَى مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الأُضْحِيَةِ فَاضِلًا عَنْ حَوَائِجِهِ الأَصْلِيَّةِ أَنْ يُضَحِّيَ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، لَكِنْ رَجَّحَ الْأَئِمَّةُ غَيْرُهُ وَقْفَهُ.
قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَالأُضْحِيَةُ مِنَ النَّفَقَةِ بِالمَعْرُوفِ، فَيُضَحِّي عَنِ اليَتِيمِ مِنْ مَالِهِ، وَتَأْخُذُ المَرْأَةُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا مَا تُضَحِّي بِهِ عَنْ أَهْلِ البَيْتِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي ذَلِكَ، وَيُضَحِّي المَدِينُ إِذَا لَمْ يُطَالَبْ بِالوَفَاءِ، وَيَتَدَيَّنُ وَيُضَحِّي إِذَا كَانَ لَهُ وَفَاءٌ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ. انتهى.
وَاللهُ أَعْلَمُ.