عدد الزوار 377 التاريخ 01/01/2021
فَأَجَابَ: آلَاتُ الطَّرَبِ بِأَنْوَاعِهَا حَرَامٌ، إِلَّا الدُّفَّ لِلنِّسَاءِ فِي العِيدِ وَالعُرْسِ، فَإِنَّهُ مُسْتَثْنَى، وَقَدْ دَلَّ عَلَى تَحْرِيمِ المَعَازِفِ: الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ أَئِمَّةِ المَذَاهِبِ. وَالمُؤَلَّفَاتُ فِي بَيَانِ تَحْرِيمِهَا مِنَ القُرْآنِ وَالحَدِيثِ كَثِيرَةٌ. وَلِلاخْتِصَارِ: أُحِيلَ الرَّاغِبَ فِي الوُقُوفِ عَلَيْهَا عَلَى كِتَابِ فَلْتَةِ هَذَا العَصْرِ الشَّيْخِ الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ: "تَحْرِيمُ آلَاتِ الطَّرَبِ".
وَلَوْ لَمْ يَرِدْ فِي تَحْرِيمِهَا إِلَّا هَذَا الحَدِيثُ الصَّحِيحُ المَوْصُولُ الشَّافِي الكَافِي لَأَغْنَى؛ فَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ، وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ، وَالمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ، يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ - يَعْنِي الفَقِيرَ - لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ، وَيَضَعُ العَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ). رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، وَالبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ الكُبْرَى.
وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي "مَجْمُوعِ الفَتَاوَى": «ذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ إِلَى أَنَّ آلَاتِ اللَّهْوِ كُلَّهَا حَرَامٌ».
وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي "أَدَبِ المُفْتِي وَالمُسْتَفْتِي" عَنْ آلَاتِ اللَّهْوِ وَالطَّرَبِ وَالغِنَاءِ: «اسْتِمَاعُ ذَلِكَ حَرَامٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ المَذَاهِبِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ عُلَمَاءِ المُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ فِي الإِجْمَاعِ وَالخِلَافِ أَنَّهُ أَبَاحَ هَذَا السَّمَاعَ».
وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِهِ "فَتْحِ البَارِي": «وَأَمَّا اسْتِمَاعُ آلَاتِ المَلَاهِي المُطْرِبَةِ المُتَلَقَّاةِ مِنْ وَضْعِ الأَعَاجِمِ، فَمُحَرَّمٌ مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَلَا يُعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمُ الرُّخْصَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَمَنْ نَقَلَ الرُّخْصَةَ فِيهِ عَنْ إِمَامٍ يُعْتَدُّ بِهِ؛ فَقَدْ كَذَبَ وَافْتَرَى».
فَالمَعَازِفُ حَرَامٌ حَرَامٌ حَرَامٌ بِذَاتِهَا، لَا لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ إِلَى تَعَدِّي حُدُودِ اللهِ أَوِ انْتِهَاكِ مَحَارِمِهِ أَوْ تَضْيِيعِ فَرَائِضِهِ، وَإِنْ كَانَتْ المَعَازِفُ مَصْيَدَةَ الشَّيْطَانِ لِلصَّدِّ عَنْ دِينِ اللهِ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ المَعَازِفُ وَآلَاتُ اللَّهْوِ وَالطَّرَبِ وَسَائِلَ لِلتَّعْلِيمِ أَوِ التَّرْبِيَةِ أَوِ الدَّعْوَةِ أَوِ العِلَاجِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِالقُرْآنِ فَلَا أَغْنَاهُ اللهُ.