عدد الزوار 395 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: كُلُّ مَسْأَلَةٍ فِي الدِّينِ؛ اعْتِقَادِيَّةً كَانَتْ أَوْ عَمَلِيَّةٍ، أَحْكَامًا أَوْ آدَابًا وَأَخْبَارًا، تَثْبُتُ بِالكِتَابِ وَبِالسُّنَّةِ المُتَوَاتِرَةِ أَوِ الآحَادِ، وَبِالإِجْمَاعِ، فَمَنْ أَنْكَرَ مَسْأَلَةً - وَلَوِ اعْتِقَادِيَّةً - ثَبَتَتْ بِمَصْدَرٍ مِنْ هَذِهِ المَصَادِرِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَوْ بِطَرِيقِ الآحَادِ؛ فَهُوَ مَارِقٌ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، إِلَّا أَنْ تَدْرَأَ هَذَا الحُكْمَ عَنْهُ شُبْهَةٌ مُعْتَبَرَةٌ.
وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ لَا يُحْتَجُّ بِأَحَادِيثِ الآحَادِ فِي العَقَائِدِ، قَوْلٌ مُبْتَدَعٌ مُحْدَثٌ.
وَعَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا: (شَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ). زَادَ النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: (وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ). فَتَقْسِيمُ الأَحَادِيثِ إِلَى مُتَوَاتِرَةٍ وَآحَادٍ، تَقْسِيمٌ جَدِيدٌ بَعْدَ عَصْرِ النُّبُوَّةِ وَالصَّحَابَةِ.
وَالقَوْلُ بِأَنَّ خَبَرَ الآحَادِ لَا يُفِيدُ العِلْمَ، قَوْلٌ أَحْدَثَهُ أَهْلُ البِدَعِ؛ لِرَدِّ الأَحَادِيثِ الَّتِي تُثْبِتُ مُخَالَفَتَهُمْ لِلسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، وَقَدْ نَقَلَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - وَغَيْرُهُ الإِجْمَاعَ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِخَبَرِ الوَاحِدِ.
وَعَمَلُ عُلَمَاءِ المُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ خَبَرَ الآحَادِ فِي العَقَائِدِ وَغَيْرِهَا، يُفِيدُ العِلْمَ وَيُوجِبُ العَمَلَ، فَمَنْ خَالَفَهُمْ فِي هَذَا، دَخَلَ فِي وَعِيدِ اللهِ وَتَهْدِيدِهِ، قَالَ تَعَالَى: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا).