عدد الزوار 71 التاريخ Friday, December 15, 2023 12:10 PM
فأجاب: الرَّاجِحُ أَنَّ اسْمَ (اللهِ) مُشْتَقٌّ مِنْ مَعَانِي الأُلُوهِيَّةِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ)، وَقَالَ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ).
وَقَدِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَهُوَ اسْمٌ لَمْ يُسَمَّ بِهِ غَيْرُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى؛ وَلِهَذَا لَا يُعْرَفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ لَهُ اشْتِقَاقٌ مِنْ فِعْلٍ يُفْعَلُ، فَذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ مِنَ النُّحَاةِ إِلَى أَنَّهُ اسْمٌ جَامِدٌ لَا اشْتِقَاقَ لَهُ، وَقَدْ نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ؛ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ، وَالخَطَّابِيُّ، وَإِمَامُ الحَرَمَيْنِ، وَالغَزَالِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَرُوِيَ عَنِ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ، أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِيهِ لَازِمَةٌ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: يَا اللَّهُ، وَلَا تَقُولُ: يَا الرَّحْمَنُ، فَلَوْلَا أَنَّهُ مِنْ أَصْلِ الْكَلِمَةِ لَمَا جَازَ إِدْخَالُ حَرْفِ النِّدَاءِ عَلَى الْأَلِفِ وَاللَّامِ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ مُشْتَقٌّ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِقَوْلِ رُؤْبَةَ بْنِ العجاج:
لِلَّهِ دَرُّ الْغَانِيَاتِ الْمُدَّهِ ... سَبَّحْنَ وَاسْتَرْجَعْنَ مِنْ تَأَلُّهِي
فَقَدْ صَرَّحَ الشَّاعِرُ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ، وَهُوَ التَّأَلُّهُ، مِنْ أَلِهَ يَأْلَهُ إِلَاهَةً وَتَأَلُّهًا، كَمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ: (وَيَذَرَكَ وَإِلَاهَتَكَ)، قَالَ: عِبَادَتَكَ؛ أَيْ أَنَّهُ كَانَ يُعْبَدُ وَلَا يَعْبُدُ، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ.
وَأَطَالَ ابْنُ كَثِيرٍ التَّحْقِيقَ فِي هَذَا، فَيُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الفَاتِحَةِ.
وَاللهُ أَعْلَمُ.