عدد الزوار 131 التاريخ Sunday, February 5, 2023 4:55 AM
فأجاب: نَعَمْ، وَرَدَ مَعْنَى التَّوْحِيدِ وَحَقِيقَتُهُ فِي الكِتَابِ، وَوَرَدَ لَفْظُ التَّوْحِيدِ فِي السُّنَّةِ، أَمَّا القُرْآنُ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ﴾، وَقَالَ تَعَالَى: (وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعْبُدُوٓاْ إِلَٰهًا وَٰحِدًا ۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَٰنَهُۥ عَمَّا يُشْرِكُونَ)، وَالآيَاتُ فِي هَذَا المَعْنَى كَثِيرَةٌ.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فِي حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُعَاذًا نَحْوَ الْيَمَنِ، قَالَ لَهُ: إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللهَ تَعَالَى ... الحَدِيثَ)، وَفِي رِوَايَةٍ: (فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ)، وَفِي رِوَايَةٍ: (فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ). خَرَّجَ الحَدِيثَ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
وَعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يُعَذَّبُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ فِي النَّارِ حَتَّى يَكُونُوا فِيهَا حُمَمًا، ثُمَّ تُدْرِكُهُمُ الرَّحْمَةُ فَيُخْرَجُونَ وَيُطْرَحُونَ عَلَى أَبْوَابِ الجَنَّةِ»، قَالَ: «فَيَرُشُّ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الجَنَّةِ المَاءَ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الغُثَاءُ فِي حِمَالَةِ السَّيْلِ، ثُمَّ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ جَابِرٍ".
وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ، فَذَبَحَ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ، لِمَنْ شَهِدَ للهِ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لَهُ بِالبَلَاغِ، وَذَبَحَ الآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْ آلِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، قَالَ البُوصِيرِيُّ: هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ.
وَهُنَاكَ أَحَادِيثُ أُخْرَى صَرِيحٌ فِيهَا لَفْظَةُ "التَّوْحِيدِ".
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الْأُمُورُ كُلُّهَا خَيْرُهَا وَشَرُّهَا مِنَ اللهِ"، وَقَالَ: "الْقَدَرُ نِظَامُ التَّوْحِيدِ، فَمَنْ وَحَّدَ اللهَ وَآمَنَ بِالْقَدَرِ؛ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى". قَالَ الهَيْثَمِيُّ: "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ هَانِئُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ".
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "الْقَدَرُ نِظَامُ التَّوْحِيدِ، فَمَنْ وَحَّدَ اللهَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالْقَدَرِ؛ كَانَ كُفْرُهُ بِالْقَضَاءِ نَقْضًا لِلتَّوْحِيدِ، وَمَنْ وَحَّدَ اللهَ وَآمَنَ بِالْقَدَرِ؛ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا". رَوَاهُ اللَّالَكَائِيُّ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدْ صَحِّحَ.
وَجَاءَ فِي تَفْسِيرِ البَغَوِيِّ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "كُلُّ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْعِبَادَةِ فَمَعْنَاهَا التَّوْحِيدُ".
وَذَكَرَ القُرْطُبِيُّ تَحْتَ سُورَةِ "الكَافِرُونَ": وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ أَشَدُّ غَيْظًا لِإِبْلِيسَ مِنْهَا، لِأَنَّهَا تَوْحِيدٌ وَبَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ".
وَأَخْرَجَ الهَرَوِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الكَلَامِ وَالتَّوْحِيدِ، فَقَالَ مَالِكٌ: "مُحَالٌ أَنْ يُظَنَّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ عَلَّمَ أُمَّتَهُ الاسْتِنْجَاءَ وَلَمْ يُعَلِّمْهُمُ التَّوْحِيدَ، وَالتَّوْحِيدُ مَا قَالَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ» فَمَا عُصِمَ بِهِ المَالُ وَالدَّمُ حَقِيقَةُ التَّوْحِيدِ".
وَقَدْ أَلَّفَ سَلَفُنَا الصَّالِحُ مُؤَلَّفَاتٍ عُنْوَانُهَا "التَّوْحِيدُ"، وَأَفْرَدَ آخَرُونَ فِي كُتُبِهِمْ قِسْمًا سَمَّوْهُ "كِتَابَ التَّوْحِيدِ".