عدد الزوار 144 التاريخ Sunday, July 3, 2022 6:57 AM
فأجاب: هَذِهِ المَسْأَلَةُ تُسَمَّى عِنْدَ الفُقَهَاءِ: "ضَعْ وَتَعَجَّلْ"، أَوِ "الحَطِيطَةَ"، أَوِ "الإِبْرَاءَ"، وَهِيَ وَضْعُ الدَّائِنِ جُزْءًا مِمَّا فِي ذِمَّةِ المَدِينِ آجِلًا، مُقَابِلَ أَنْ يُسَلِّمَ البَاقِي عَاجِلًا، وَذَلِكَ حَسَبَ طَلَبِ الدَّائِنِ أَوِ المَدِينِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي حُكْمِهَا، فَذَهَبَ الجُمْهُورُ - الحَنَفِيَّةُ، وَالمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالمَشْهُورُ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ – إِلَى أَنَّهَا لَا تَجُوزُ، وَأَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ قَدْ وَقَعَ فِي الرِّبَا؛ لِأَنَّ المَالَ الَّذِي أَسْقَطَهُ مُقَابِلَ الأَجَلِ - وَهُوَ رِبَا النَّسِيئَةِ - سَوَاءٌ بِالزِّيَادَةِ أَوِ النُّقْصَانِ.
وَيُؤَيِّدُ هَذَا القَوْلَ حَدِيثُ المِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ الَّذِي رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، وَهُمَا حَدِيثَانِ ضَعِيفَانِ، لَكِنْ جَاءَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُمَا كَرِهَاهَا، وَنَهَيَا عَنْهَا، وَقَدْ صُحِّحَ هَذَانِ الأَثَرَانِ، رَوَاهُمَا البَيْهَقِيُّ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ لَهُ، وَبَعْضُ الحَنَابِلَةِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ سِيرِينَ إِلَى الجَوَازِ، وَاخْتَارَ هَذَا القَوْلَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَابْنُ القَيِّمِ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ بَنِي النَّضِيرِ، رَوَاهَا الدَّارَقُطْنِيُّ وَسَنَدُهَا ضَعِيفٌ، لَكِنْ صُحِّحَ القَوْلُ بِالجَوَازِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا، رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ، وَفِي هَذَا القَوْلِ مَصْلَحَةٌ لِلطَّرَفَيْنِ، وَالأَصْلُ فِي المُعَامَلَاتِ الحِلُّ، وَهَذَا القَوْلُ أَقْرَبُ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الرِّفْقِ بِالدَّائِنِ وَالمَدِينِ.
وَاللهُ أَعْلَمُ.