عدد الزوار 180 التاريخ Monday, May 30, 2022 8:15 AM
٩٢ -
فأجاب: هُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفُ الإِسْنَادِ، فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ عِلَّةٍ، حَسْبُكَ مَا جُرِحَ بِهِ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ.
وَمَعْنَى الحَدِيثِ أَنَّهُ لَنْ يَسْتَكْمِلُ مُؤْمِنٌ إِيمَانَهُ الوَاجِبَ حَتَّى تَكُونَ مَحَبَّتُهُ تَابِعَةً لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهَذَا المَعْنَى صَحِيحٌ.
وَالحَدِيثُ خَرَّجَهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ "الْأَرْبَعِينَ"، وَشَرَطَ فِي أَوَّلِهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ صِحَاحِ الْأَخْبَارِ، وَجِيَادِ الْآثَارِ، مِمَّا أَجْمَعَ النَّاقِلُونَ عَلَى عَدَالَةِ نَاقِلِيهِ، وَالنَّسَوِيُّ، وَالسِّلَفِيُّ، وَالبَغَوِيُّ، وَابْنُ الجَوْزِيِّ، وَالخَطِيبُ وَغَيْرُهُمْ، بِأَسَانِيدِهِمْ وَمُتُونِهِمْ إِلَى نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ وَلَا يَزِيغُ عَنْهُ».
وَرَوَاهُ البَيْهَقِيُّ فِي المَدْخَلِ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ بِهِ: «لَنْ يَسْتَكْمِلَ مُؤْمِنٌ إِيمَانَهُ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ»، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي وَارَةَ، ثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، ثَنَا بَعْضُ مَشْيَخَتِنَا، هِشَامٌ أَوْ غَيْرُهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِهِ.
وَرَوَاهُ الأَصْبَهَانِيُّ فِي كِتَابِهِ الحُجَّةِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَارَةَ بِهِ.
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ عَلَى نُعَيْمٍ، وَقِيلَ فِيهِ: حَدَّثَنَا بَعْضُ مَشْيَخَتِنَا، حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَوْ غَيْرُهُ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: "حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، رَوَيْنَاهُ فِي كِتَابِ "الْحُجَّةِ" بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ".
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: "تَصْحِيحُ هَذَا الْحَدِيثِ بَعِيدٌ جِدًّا مِنْ وُجُوهٍ:
مِنْهَا: أَنَّهُ حَدِيثٌ يَتَفَرَّدُ بِهِ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَرْوَزِيُّ، ونُعَيْمٌ هَذَا وَإِنْ كَانَ وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَئِمَّةِ، وَخَرَّجَ لَهُ البُخَارِيُّ، فَإِنَّ أَئِمَّةَ الحَدِيثِ كَانُوا يُحْسِنُونَ بِهِ الظَّنَّ، لِصَلَابَتِهِ فِي السُّنَّةِ، وَتَشَدُّدِهِ فِي الرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الأَهْوَاءِ، وَكَانُوا يَنْسِبُونَهُ إِلَى أَنَّهُ يَهِمُ، وَيُشَبَّهُ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الأَحَادِيثِ، فَلَمَّا كَثُرَ عُثُورُهُمْ عَلَى مَنَاكِيرِهِ، حَكَمُوا عَلَيْهِ بِالضَّعْفِ ... وَنَسَبَهُ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ الحَدِيثَ، وَأَيْنَ كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ الوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، وَأَصْحَابُ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، وَأَصْحَابُ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ هَذَا الحَدِيثِ حَتَّى يَتَفَرَّدَ بِهِ نُعَيْمٌ؟!.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ عَلَى نُعَيْمٍ فِي إِسْنَادِهِ، فَرُوِيَ عَنْهُ، عَنِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ هِشَامٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ، عَنِ الثَّقَفِيِّ، حَدَّثَنَا بَعْضُ مَشْيَخَتِنَا هِشَامٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، فَيَكُونُ شَيْخُ الثَّقَفِيِّ غَيْرَ مَعْرُوفٍ عَيْنُهُ، وَرُوِيَ عَنْهُ، عَنِ الثَّقَفِيِّ، حَدَّثَنَا بَعْضُ مَشْيَخَتِنَا، حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَوْ غَيْرُهُ، فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، فَالثَّقَفِيُّ رَوَاهُ عَنْ شَيْخٍ مَجْهُولٍ، وَشَيْخُهُ رَوَاهُ عَنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، فَتَزْدَادُ الجَهَالَةُ فِي إِسْنَادِهِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ فِي إِسْنَادِهِ عُقْبَةَ بْنَ أَوْسٍ السَّدُوسِيَّ البَصْرِيَّ ... وَقَدِ اضْطَرَبَ فِي إِسْنَادِهِ، وَقَدْ وَثَّقَهُ العِجْلِيُّ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: رَوَى عَنْهُ ابْنُ سِيرِينَ مَعَ جَلَالَتِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: هُوَ مَجْهُولٌ، وَقَالَ الغَلَّابِيُّ فِي "تَارِيخِهِ": يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَإِنَّمَا يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ رِوَايَاتُهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو مُنْقَطِعَةً، وَاللهُ أَعْلَمُ".
وَضَعَّفَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللهِ السَّعْدُ - حَفِظَهُ اللهُ - مِنْ جِهَةِ إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.