مَسْأَلَةٌ فِي مُصْطَلَحِ الحَدِيثِ

فأجاب: قَسَّمَ ابْنُ حَجَرٍ مَرَاتِبَ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فِي "التَّقْرِيبِ" إِلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرْتَبَةً، وَمِنْ جُمْلَةِ تِلْكَ المَرَاتِبِ المَرْتَبَةُ السَّادِسَةُ، وَهِيَ: "مَنْ لَيْسَ لَهُ مِنَ الحَدِيثِ إِلَّا القَلِيلُ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ مَا يُتْرَكُ حَدِيثُهُ مِنْ أَجْلِهِ، وَإِلَيْهِ الإِشَارَةُ بِلَفْظِ (مَقْبُولٌ) حَيْثُ يُتَابَعُ، وَإِلَّا فَلَيِّنُ الحَدِيثِ".
وَذَكَرَ قَبْلَهَا المَرْتَبَةَ الثَّالِثَةَ، وَهِيَ: مَنْ أُفْرِدَ بِصِفَةٍ، كَثِقَةٍ، أَوْ مُتْقِنٍ ... إلخ.
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ وُثِّقَ مِمَّنْ قَالَ هُوَ فِيهِ مَقْبُولٌ، قَدْ لَا يَكُونُ ابْنُ حَجَرٍ اعْتَبَرَ هَذَا التَّوْثِيقَ كَافِيًا؛ لِصُدُورِهِ مِنْ مُتَسَاهِلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الرَّاوِي المُوَثَّقُ مِنْ مُتَسَاهِلٍ، كَابْنِ حِبَّانَ فِي كِتَابِهِ "الثِّقَاتِ"، وَالعِجْلِيِّ، أَعْلَى مَرْتَبَةً مِمَّنْ لَمْ يُوَثَّقْ أَصْلًا.
فَمَثَلًا: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَيْسَرَةَ الحَضْرَمِيُّ، أَبُو سَلَمَةَ الحِمْصِيُّ، قَالَ عَنْهُ فِي التَّقْرِيبِ: (مَقْبُولٌ مِنَ الرَّابِعَةِ، د. ق).
مَعَ أَنَّهُ قَدْ تَرْجَمَ لَهُ فِي التَّهْذِيبِ، فَقَالَ: قَالَ ابْنُ المَدِينِيِّ: مَجْهُولٌ، لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ حَرِيزٍ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: شُيُوخُ حَرِيزٍ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَقَالَ العِجْلِيُّ: شَامِيٌّ، تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ. انْتَهَى. وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، وَرَوَى عَنْهُ جَمْعٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – تَوَضَّأَ، فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا. قَالَ البُوصِيرِيُّ: هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ.