عدد الزوار 194 التاريخ Monday, May 30, 2022 8:10 AM
٨٨-
فأجاب: لَيْسَ هُنَاكَ فَرْقٌ.
مِثَالُهُ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ المُتَّفَقُ عَلَى صِحَّتِهِ، قَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا جَعْدُ بْنُ دِينَارٍ أَبُو عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ العُطَارِدِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ ... الحَدِيثَ".
وَقَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بِهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ... الحَدِيث.
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ فِي "الفَتْحِ" تَحْتَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَوْلُهُ: عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فِي رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عِنَايَةِ ابْنِ حَجَرٍ بِمُسْتَخْرَجِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الإِسْمَاعِيلِيِّ، (المُتَوَفَّى سَنَةَ: ثَلَاثِمِائَةٍ وَإِحْدَى وَسَبْعِينَ مِنَ الهِجْرَةِ).
فَمَا هِيَ المُسْتَخْرَجَاتُ؟
قَدْ صَنَّفَ المُحَدِّثُونَ مُسْتَخْرَجَاتٍ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ، أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا، أَوْ عَلَى غَيْرِهِمَا مِنَ الأُصُولِ الحَدِيثِيَّةِ.
وَالمُسْتَخْرَجُ هُوَ: أَنْ يَعْمِدَ المُحَدِّثُ إِلَى كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ الحَدِيثِ المُسْنَدَةِ، فَيَرْوِيَ أَحَادِيثَ ذَلِكَ الكِتَابِ بِأَسَانِيدِهِ هُوَ - وَإِنْ كَانَ الإِسْنَادُ مِنْ طَرِيقٍ ضَعِيفٍ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ المُؤَلِّفِ -، وَيَلْتَقِيَ مَعَهُ فِي كُلِّ حَدِيثٍ فِي شَيْخِهِ، أَوْ مَنْ فَوْقَهُ، وَشَرْطُهُ: أَلَّا يَصِلَ إِلَى شَيْخٍ أَبْعَدَ فَيَفْقِدَ سَنَدًا يُوَصِّلُهُ إِلَى الأَقْرَبِ، إِلَّا لِعُذْرٍ مِنْ عُلُوٍّ أَوْ زِيَادَةٍ مُهِمَّةٍ، وَيَلْزَمُ أَنْ يُسْتَخْرَجَ الحَدِيثُ عَنْ نَفْسِ الصَّحَابِيِّ الَّذِي أَخْرَجَ المُؤَلِّفُ الحَدِيثَ عَنْهُ، وَلَا يَلْزَمُ الإِتْيَانُ بِأَلْفَاظِهِ، فَيَكْفِي أَصْلُ الحَدِيثِ وَمَعْنَاهُ القَرِيبُ.
وَلِلْمُسْتَخْرَجَاتِ أَغْرَاضٌ وَفَوَائِدُ مُهِمَّةٌ، رِوَايَةً وَدِرَايَةً، فَتَعَدُّدُ طُرُقِ الحَدِيثِ لَهُ فَوَائِدُ تَعُودُ إِلَى الإِسْنَادِ، وَإِلَى المَتْنِ، وَقَدْ أَوْصَلَهَا ابْنُ نَاصِرِ الدِّينِ الدِّمَشْقِيُّ إِلَى عَشْرِ فَوَائِدَ.
وَقَالَ السَّخَاوِيُّ: "وَالِاسْتِخْرَاجُ: أَنْ يَعْمِدَ حَافِظٌ إِلَى صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مَثَلًا، فَيُورِدَ أَحَادِيثَهُ حَدِيثًا حَدِيثًا بِأَسَانِيدَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ مُلْتَزِمٍ فِيهَا ثِقَةَ الرُّوَاةِ، وَإِنْ شَذَّ بَعْضُهُمْ حَيْثُ جَعَلَهُ شَرْطًا مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، إِلَى أَنْ يَلْتَقِيَ مَعَهُ فِي شَيْخِهِ، أَوْ فِي شَيْخِ شَيْخِهِ، وَهَكَذَا، وَلَوْ فِي الصَّحَابِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ.
لَكِنْ لَا يَسُوغُ لِلْمُخَرِّجِ الْعُدُولُ عَنِ الطَّرِيقِ الَّتِي يَقْرُبُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ مُصَنِّفِ الْأَصْلِ فِيهَا، إِلَى الطَّرِيقِ الْبَعِيدَةِ، إِلَّا لِغَرَضٍ مِنْ عُلُوٍّ، أَوْ زِيَادَةِ حُكْمٍ مُهِمٍّ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
وَمُقْتَضَى الِاكْتِفَاءِ بِالِالْتِقَاءِ فِي الصَّحَابِيِّ أَنَّهُمَا لَوِ اتَّفَقَا فِي الشَّيْخِ مَثَلًا، وَلَمْ يَتَّحِدْ سَنَدُهُ عِنْدَهُمَا، ثُمَّ اجْتَمَعَ فِي الصَّحَابِيِّ إِدْخَالُهُ فِيهِ، وَإِنْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِخِلَافِهِ، وَرُبَّمَا عَزَّ عَلَى الْحَافِظِ وُجُودُ بَعْضِ الْأَحَادِيثِ فَيَتْرُكُهُ أَصْلًا، أَوْ يُعَلِّقُهُ عَنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ، أَوْ يُورِدُهُ مِنْ جِهَةِ مُصَنِّفِ الْأَصْلِ".