عدد الزوار 361 التاريخ Friday, April 1, 2022 7:23 PM
(232)
فَأَجَابَ: الأَفْضَلُ الوِتْرُ بِثَلَاثٍ مَفْصُولَةٍ، وَيَصِحُّ الوَصْلُ بِتَشَهُّدٍ وَاحِدٍ بِآخِرِهَا، وَرُوِيَ النَّهْيُ عَنْ تَشْبِيهِهَا بِصَلَاةِ المَغْرِبِ؛ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ». وَالأَظْهَرُ – احْتِمَالًا - أَنَّهَا مَفْصُولَةٌ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالرَّكْعَةِ فِي الْوِتْرِ، حَتَّى إنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوتِرُ بِثَلَاثٍ، لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَلَفْظُهُ: كَانَ لَا يُسَلِّمُ فِي رَكْعَتَيِ الْوِتْرِ. وَقَدْ ضَعَّفَ أَحْمَدُ إسْنَادَهُ، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ.
وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَانَ يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ بِـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى:1]، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون:1]، وَفِي الثَّالِثَةِ بِـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1]، وَلَا يُسَلِّمُ إلَّا فِي آخِرِهِنَّ». رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. قَالَ الشَّوْكَانِيُّ: الْحَدِيثُ رِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ، إِلَّا عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ خَالِدٍ، وَهُوَ مَقْبُولٌ.
وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، بِدُونِ قَوْلِهِ: "وَلَا يُسَلِّمُ إلَّا فِي آخِرِهِنَّ".
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: لَمْ نَجِدْ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَبَرًا ثَابِتًا صَرِيحًا أَنَّهُ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ مَوْصُولَةٍ، قَالَ: نَعَمْ، ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ، لَكِنْ لَمْ يُبَيِّنِ الرَّاوِي: هَلْ هِيَ مَوْصُولَةٌ أَوْ مَفْصُولَةٌ؟ اهـ وَتَعَقَّبَهُ الْعِرَاقِيُّ وَالْحَافِظُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ، وَبِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَا: وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا لَمْ يَثْبُتَا عِنْدَهُ.
وَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ: إنَّهُ خَطَأٌ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «لَا تُوتِرُوا بِثَلَاثٍ، أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ». رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادِهِ، وَقَالَ: كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ. وأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَأَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، وَصَحَّحَ إِسْنَادَهُ العِرَاقِيُّ، وَقَالَ الْحَافِظُ: وَرِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَلَا يَضُرُّهُ وَقْفُ مَنْ وَقَفَهُ.
وَأَخْرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُوتِرُوا بِثَلَاثٍ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْمَغْرِبِ، وَلَكِنْ أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ، أَوْ بِسَبْعٍ، أَوْ بِتِسْعٍ، أَوْ بِإِحْدَى عَشْرَةَ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ». قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
وَأَخْرَجَ أَيْضًا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «لَا تُوتِرُوا بِثَلَاثٍ، أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ، أَوْ بِسَبْعٍ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ». قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ بِإِسْنَادِهِ - قَالَ الْعِرَاقِيُّ: صَحِيحٌ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الْوِتْرُ سَبْعٌ أَوْ خَمْسٌ، وَلَا نُحِبُّ ثَلَاثًا بَتْرَاءَ».
وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - بِإِسْنَادٍ قَالَ الْعِرَاقِيُّ: صَحِيحٌ -، أَنَّهَا قَالَتْ: «الْوِتْرُ سَبْعٌ أَوْ خَمْسٌ، وَإِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثًا بَتْرَاءَ».
وَرُوِيَ - بِإِسْنَادٍ صَحَّحَهُ الْعِرَاقِيُّ - عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْوِتْرِ بِثَلَاثٍ، فَكَرِهَ الثَّلَاثَ، وَقَالَ: لَا تُشَبِّهِ التَّطَوُّعَ بِالْفَرِيضَةِ، أَوْتِرْ بِرَكْعَةٍ، أَوْ بِخَمْسٍ، أَوْ بِسَبْعٍ.
وَجَمْعُ الْحَافِظِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ: يَحْمِلُ أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَلَى الْإِيتَارِ بِثَلَاثٍ بِتَشَهُّدَيْنِ؛ لِمُشَابَهَةِ ذَلِكَ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَأَحَادِيثَ الْإِيتَارِ بِثَلَاثٍ عَلَى أَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ بِتَشَهُّدٍ فِي آخِرِهَا. وَرُوِيَ فِعْلُ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَالثَّانِيَ عَشَرَ: أَنْ يُصَلِّيَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، يَجْلِسُ فِي الثَّانِيَةِ، ثُمَّ يَقُومُ دُونَ تَسْلِيمٍ، وَيَأْتِي بِالثَّالِثَةِ، ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، كَصَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِمَا حَدَّثَنَاهُ - وَسَاقَ إِسْنَادَهُ إِلَى سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ -: أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ حَدَّثَتْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ «لَا يُسَلِّمُ فِي رَكْعَتَيِ الْوِتْرِ»".
قَالَ: وَلَمْ يَصِحَّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهْيٌ عَنِ الْبُتَيْرَاءِ، وَلَا فِي الْحَدِيثِ - عَلَى سُقُوطِهِ - بَيَانُ مَا هِيَ الْبُتَيْرَاءُ؟ وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الثَّلَاثُ بُتَيْرَاءُ - يَعْنِي فِي الْوِتْرِ -؛ فَعَادَتِ الْبُتَيْرَاءُ عَلَى الْمُحْتَجِّ بِالْخَبَرِ الْكَاذِبِ فِيهَا. انْتَهَى.
وَاللهُ أَعْلَمُ.