عدد الزوار 142 التاريخ Sunday, February 27, 2022 11:07 PM
(353)
هَلْ يُقَالُ: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ مِنْ نَفْسِ الطَّرِيقِ عَنْ الصَّحَابِيِّ؟
سُئِلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ النُّمَيُّ – حَفِظَهُ اللهُ -: هَلْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ عَنْ حَدِيثٍ: "مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ"، وَأَحَدُ الشَّيْخَيْنِ لَمْ يُخَرِّجْهُ مِنْ نَفْسِ الطَّرِيقِ عَنِ الصَّحَابِيِّ؟
فأجاب: نَعَمْ، يَصِحُّ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى حَدِيثٍ بِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الطَّرِيقِ المُوَصِّلِ إِلَى الصَّحَابِيِّ الَّذِي رَوَى الحَدِيثَ.
مِثَالُهُ: مَا جَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ ... الحَدِيثَ». قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الأَرْبَعِينَ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ كَمَا قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ وَحْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَخَرَّجَاهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ ... الحَدِيثَ»، فَذَكَرَ قَرِيبًا مِنْ لَفْظِ وَمَعْنَى الحَدِيثِ الأَوَّلِ.
وَالأَحْسَنُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يُقَالَ: وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ اللَّفْظُ قَرِيبًا وَالمَعْنَى وَاحِدًا؛ جَازَ أَنْ يَقُولَ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، أَوْ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ أَيْضًا إِذَا كَانَ فِي أَلْفَاظِهِ بَعْضُ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ أَوْ مُتَقَارِبٌ، وَالقَصْدُ الدِّلَالَةُ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ القَصْدُ مِنْ إِيرَادِ الحَدِيثِ الاحْتِجَاجَ، أَوْ وُجُودَ تَفَاوُتٍ فِي اللَّفْظِ أَوِ المَعْنَى مُؤَثِّرٍ؛ فَيَتَعَيَّنُ البَيَانُ.
مِثَالُهُ: قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: وَلِلْبُخَارِيِّ: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ». وَلِمُسْلِمٍ: «مِنْهُ».
وَقَالَ المَجْدُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ، إلَّا أَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَذْكُرْ الْعَدَدَ. انْتَهَى.
وَالْبَيْهَقِيُّ، وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا كَأَصْحَابِ الْمُسْتَخْرَجَاتِ، قَدْ يَقُولُونَ عَنِ الحَدِيثِ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَوْ مُسْلِمٌ، ولو وَقَعَ فِي بَعْضِهِ تَفَاوُتٌ فِي اللَّفْظِ وَفِي الْمَعْنَى، إذ مُرَادُهُمْ أَنَّهُمَا رَوَيَا أَصْلَهُ، وَهَذَا اصْطِلَاحٌ خَاصٌّ.