عدد الزوار 135 التاريخ Sunday, February 27, 2022 6:17 AM
(345)
آحَادٌ أَمْ مُتَوَاتِرٌ؟
هَلْ حَدِيثُ: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) آحَادٌ أَمْ مُتَوَاتِرٌ؟
فأجاب: حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)، رَوَاهُ الجَمَاعَةُ، وَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ، تَفَرَّدَ بِرِوَايَتِهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ اللِّيْثِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ غَيْرِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى هَذَا أَئِمَّةُ الإِسْلَامِ.
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: "وَلَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ تَصِحُّ غَيْرُ هَذَا الطَّرِيقِ، كَذَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ، لَكِنْ لَا يَصِحُّ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ عِنْدَ الْحُفَّاظِ".
وَمَعَ هَذَا: فَشُهْرَتُهُ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ مِنَ الفُقَهَاءِ وَأَرْبَابِ السُّلُوكِ وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي التَّوْحِيدِ، وَإِخْرَاجُ المُحَدِّثِينَ لَهُ فِي دَوَاوِينِهِمْ، وَالاحْتِجَاجُ بِهِ فِي أَبْوَابِ الفِقْهِ عَلَى اخْتِلَافِ مَوْضُوعَاتِهَا، وَالإِجْمَاعُ عَلَى مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَتَوَاتُرُ الأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى فَرْضِ الإِخْلَاصِ: جَعَلَ بَعْضَهُمْ يَعُدُّهُ مِنَ المَتَوَاتِرِ المَعْنَوِيِّ، وَهَذَا حَسَنٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْطَبِقْ عَلَيْهِ شَرْطُ التَّوَاتُرِ اللَّفْظِيِّ بِوُجُودِ العَدَدِ الكَثِيرِ فِي جَمِيعِ طَبَقَاتِهِ، كَحَدِيثِ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا"، وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ المُتَوَاتِرِ المَعْنَوِيِّ الَّذِي تَوَاتَرَ مَعْنَاهُ دُونَ لَفْظِهِ، كَأَحَادِيثِ رَفْعِ اليَدَيْنِ عِنْدَ الدُّعَاءِ.
مَعَ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – سَوَاءٌ كَانَ مُتَوَاتِرًا أَوْ غَيْرَ مُتَوَاتِرٍ، يَجِبُ التَّصْدِيقُ وَالعَمَلُ بِهِ، إِلَّا لِعَارِضٍ رَاجِحٍ، كَالإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ العَمَلِ بِظَاهِرِهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.