عدد الزوار 226 التاريخ Monday, December 27, 2021 9:12 AM
(296)
دَرَجَةُ حَدِيثِ: فَضْلِ الصَّلَاةِ بِسِوَاكٍ عَلَى الصَّلَاةِ بِغَيْرِ سِوَاكٍ.
سُئِلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ النُّمَيُّ - حَفِظَهُ اللهُ -: مَا دَرَجَةُ حَدِيثِ: "فَضْلُ الصَّلَاةِ بِسِوَاكٍ عَلَى الصَّلَاةِ بِغَيْرِ سِوَاكٍ سَبْعِينَ صَلَاةً"؟
فأجاب: الصَّلَاةُ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ سِوَاكٍ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
أَمَّا التَّفْضِيلُ بِسَبْعِينَ فَغَيْرُ ثَابِتٍ. قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَنَّهُ قَالَ: "فَضْلُ الصَّلَاةِ بِالسِّوَاكِ، عَلَى الصَّلَاةِ بِغَيْرِ سِوَاكٍ، سَبْعِينَ ضِعْفًا". وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يُدَلِّسُ. وَلِلْحَدِيثِ طُرُقٌ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هَذَا لَا يَصِحُّ لَهُ إِسْنَادٌ، وَهُوَ بَاطِلٌ.
وَأَخْرَجَهُ الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ. وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَقَدْ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
وَعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِغَيْرِ سِوَاكٍ». رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ. انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ: فَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ حَدِيثٌ لَمْ يَرِدْ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَلا فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَلَكِنْ رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِمَا، وَالْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: "إِسْنَادُهُ غَيْرُ قَوِيٍّ".
وَذَلِكَ أَنَّ مَدَارَهُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَلَمْ يُصَرِّحِ ابْنُ إِسْحَاقَ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ؛ بَلْ قَالَ: ذَكَرَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "تُفَضَّلُ الصَّلاةُ الَّتِي يُسْتَاكُ لَهَا عَلَى الصَّلاةِ الَّتِي لا يُسْتَاكُ لَهَا سَبْعِينَ ضِعْفًا". هَكَذَا رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وابن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: "إِنْ صَحَّ الخَبَرُ"، قَالَ: "وَإِنَّمَا اسْتَثْنَيْتُ صِحَّةَ هَذَا الْخَبَرِ؛ لأَنِّي خَائِفٌ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ لَمْ يَسْمَعِ الْحَدِيثَ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَإِنَّمَا دَلَّسَهُ عَنْهُ، وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: قَالَ أَبِي: "إِذَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَذَكَرَ فُلانٌ، فَلَمْ يَسْمَعْهُ". وَقَدْ أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ، وَقَالَ: "هُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ"، وَلَمْ يَصْنَعِ الْحَاكِمُ شَيْئًا؛ فَإِنَّ مُسْلِمًا لَمْ يَرْوِ فِي كِتَابِهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ حَدِيثًا وَاحِدًا، وَلا احْتَجَّ بِابْنِ إِسْحَاقَ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَ لَهُ فِي الْمُتَابَعَاتِ وَالشَّوَاهِدِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْ شَرْطِ مُسْلِمٍ، فَلَا، وَهَذَا وَأَمْثَالُهُ هُوَ الَّذِي شَانَ كِتَابَهُ وَوَضَعَهُ وَجَعَلَ تَصْحِيحَهُ دُونَ تَحْسِينِ غَيْرِهِ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: "هَذَا الْحَدِيثُ أَحَدُ مَا يُخَافُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَدْلِيسَاتِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى الصَّدَفِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَمُعَاوِيَةُ هَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ".
وَقَالَ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ": "تَفَرَّدَ بِهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى، وَيُقَالُ: إِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ أَخَذَهُ مِنْهُ". قَالَ: "وَيَرْوِي نَحْوَهُ عَنْ عُرْوَةَ، وَعَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَكِلاهُمَا ضَعِيفٌ".
وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ الْوَاقِدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ السِّوَاكِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً قَبْلَ السِّوَاكِ". وَلَكِنَّ الْوَاقِدِيَّ لا يُحْتَجُّ بِهِ.
وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ قِيرَاطٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "صَلَاةٌ بِسِوَاكٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ صَلَاةً بِغَيْرِ سِوَاكٍ". وَهَذَا الإِسْنَادُ غَيْرُ قَوِيٍّ.
فَهَذَا حَالُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَإِنْ ثَبَتَ فَلَهُ وَجْهٌ حَسَنٌ، وَهُوَ أَنَّ الصَّلَاةَ بِالسِّوَاكِ سُنَّةٌ، وَالسِّوَاكُ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ. انْتَهَى.