عدد الزوار 152 التاريخ Friday, October 29, 2021 6:16 AM
فأجاب: إِذَا قَامَ الإِمَامُ لِرَكْعَةٍ زَائِدَةٍ، فَعَلَى مَنْ كَانَ خَلْفَهُ تَنْبِيهُهُ بِالتَّسْبِيحِ، وَلَا يُتَابِعُهُ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَحَدٌ مِنَ المَأْمُومِينَ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ العِلْمِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ تُبْطِلُ الصَّلَاةَ لِمَنْ كَانَ عَالِمًا بِحُكْمِهَا، سَوَاءٌ كَانَ إِمَامًا أَوْ مَأْمُومًا.
فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَحْمَدَ: «مَنْ صَنَعَ أَمْرًا عَلَى غَيْرِ أَمْرِنَا فَهُوَ مَرْدُودٌ».
وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، إنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
أَمَّا مَنْ كَانَ أَخْطَأَ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ لِلْعُذْرِ مِنْ جَهْلٍ أَوْ نِسْيَانٍ.
فَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا، فَقِيلَ لَهُ: أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: وَمَا ذَلِكَ؟ قَالُوا: صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
فَلَمْ يُعِدِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – الصَّلَاةَ، وَلَمْ يَأْمُرْ مَنْ تَابَعَهُ بِالإِعَادَةِ.
وَالَّذِي يَنْبَغِي عَلَى المَأْمُومِ أَنْ يَجْلِسَ وَيَنْتَظِرَ الإِمَامَ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ، فَإِنْ فَارَقَهُ وَسَلَّمَ جَازَ، وَالانْتِظَارُ لِيُسَلِّمَ مَعَ الإِمَامِ أَحْسَنُ.
وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: "إذَا سَبَّحَ بِهِ الْمَأْمُومُونَ فَلَمْ يَرْجِعْ، فِي مَوْضِعٍ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَلَيْسَ لِلْمَأْمُومِينَ اتِّبَاعُهُ، فَإِنِ اتَّبَعُوهُ لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونُوا عَالِمِينَ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ، أَوْ جَاهِلِينَ بِهِ، فَإِنْ كَانُوا عَالِمِينَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوا الْوَاجِبَ عَمْدًا. وَقَالَ الْقَاضِي: فِي هَذَا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ:
إحْدَاهَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ مُتَابَعَتُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُمْ انْتِظَارُهُ، إنْ كَانَ نِسْيَانُهُ فِي زِيَادَةٍ يَأْتِي بِهَا، وَإِنْ فَارَقُوهُ وَسَلَّمُوا صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْخَلَّالِ.
وَالثَّانِيَةُ: يُتَابِعُونَهُ فِي الْقِيَامِ، اسْتِحْسَانًا.
وَالثَّالِثَةُ: لَا يُتَابِعُونَهُ، وَلَا يُسَلِّمُونَ قَبْلَهُ، لَكِنْ يَنْتَظِرُونَهُ لِيُسَلِّمَ بِهِمْ. وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ حَامِدٍ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ مُخْطِئٌ فِي تَرْكِ مُتَابَعَتِهِمْ، فَلَا يَجُوزُ اتِّبَاعُهُ عَلَى الْخَطَأِ.
الْحَالُ الثَّانِي: إنْ تَابَعُوهُ جَهْلًا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ، فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَابَعُوهُ فِي التَّسْلِيمِ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَفِي الْخَامِسَةِ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمْ".