عدد الزوار 126 التاريخ Saturday, October 23, 2021 6:34 AM
فأجاب: لَا يَكْفِي وَضْعُ خَطٍّ عَلَى رَقَبَةِ الصُّورَةِ، أَوْ ثَقْبُ رَأْسِ التِّمْثَالِ، أَوْ قَطْعُ نِصْفِهِ كَصَدْرِهِ وَبَطْنِهِ؛ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ طَمْسِ الْوَجْهِ، أَوْ إِزَالَةِ الرَّأْسِ بِالْكُلِّيَّةِ.
فَعَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟: أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ، وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ". وَفِي رِوَايَةٍ: "وَلَا صُورَةً إِلَّا طَمَسْتَهَا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَثَبَتَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ عَلَيْكَ الْبَيْتَ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فِي بَابِ الْبَيْتِ تِمْثَالُ الرِّجَالِ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ، فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي بِالْبَابِ فَلْيُقْطَعْ، فَلْيُصَيَّرْ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ، وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ، وَيُجْعَلْ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ مُنْتَبَذَتَيْنِ يُوطَئَانِ، وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَيُخْرَجْ). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرَامٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَلوَّنَ وَجْهُهُ، وقَالَ: "يَا عَائِشَةُ، أشدُّ الناسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْم الْقِيامةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ"، قَالَتْ: فَقَطَعْنَاهُ، فَجَعَلْنَا مِنْهُ وِسَادَةً أوْ وِسَادَتَيْنِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فَظَاهِرُهُ قَطْعُ الصُّورَةِ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: "الصُّورَةُ الرَّأْسُ، فَإِذَا قُطِعَ الرَّأْسُ فَلَيْسَ بِصُورَةٍ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ صُحِّحَ، وَجَاءَ نَحْوُهُ عَنْ عِكْرِمَةَ.
وَقَالَ شَيْخُنَا ابْنُ عُثَيْمَيْنَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: "الَّذِي مَا تَتَبَيَّنُ لَهُ صُورَةٌ، رَغْمَ مَا هُنَالِكَ مِنْ أَعْضَاءٍ وَرَأْسٍ وَرَقَبَةٍ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهِ عُيُونٌ وَأَنْفٌ: فَمَا فِيهِ بَأْسٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُضَاهِي خَلْقَ اللَّهِ".
وَقَالَ أَيْضًا: "إِذَا لَمْ تَكُنْ الصُّورَةُ وَاضِحَةً، أَيْ: لَيْسَ فِيهَا عَيْنٌ، وَلَا أَنْفٌ، وَلَا فَمٌ، وَلَا أَصَابِعُ: فَهَذِهِ لَيْسَتْ صُورَةً كَامِلَةً، وَلَا مُضَاهِيَةً لِخَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ". انْتَهَى.