عدد الزوار 180 التاريخ Saturday, October 23, 2021 6:34 AM
فأجاب: لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ صُورَةٌ، إِلَّا مَا عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى، كَمَلَكِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلَةِ بِالْإِنْسَانِ، تَكْتُبُ حَسَنَاتِهِ وَسَيِّئَاتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
فَعَنْ أَبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: وَعَدَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جِبْرِيلُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَرَاثَ عَلَيْهِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَخَرَجَ فَلَقِيَهُ جِبْرِيلُ، فَشَكَا إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّا لَاَ نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَمَعْنَى "رَاثَ": أَبْطَأَ.
وَلَا يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الصَّحِيحِ الصُّوَرُ الَّتِي تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى، كَالصُّوَرِ الَّتِي فِي الْبِطَاقَاتِ الْحُكُومِيَّةِ، وَفِي الْعُمْلَةِ، وَعَلَى الْمُعَلَّبَاتِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهَا تَمْنَعُ، وَإِنْ كَانَ لَا إِثْمَ عَلَى مُقْتَنِيهَا؛ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ، وَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: وَاعَدَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ في سَاعَةٍ أنْ يأتِيَهُ، فَجَاءَتْ تِلْكَ السَّاعةُ وَلَمْ يأتِهِ، قَالَتْ: وَكَانَ بيَدِهِ عَصًا، فَطَرَحَهَا مِنْ يَدِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: "مَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعَدَهُ وَلَا رُسُلُهُ"، ثُمَّ الْتَفَتَ، فَإذا جِرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ سَرِيرِهِ. فَقالَ: "مَتَى دَخَلَ هَذَا الْكَلْبُ؟ "فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا دَرَيْتُ بِهِ، فَأمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَقَال رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "وَعَدْتَنِي فَجَلَسْتُ لَكَ وَلَمْ تَأْتِنِي"، فَقَالَ: مَنَعَنِي الْكَلْبُ الَّذِي كَانَ فِي بَيْتِكَ، إِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الخَطَّابِيُّ: وَإِنَّمَا لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ أَوْ صُورَةٌ مِمَّا يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ مِنَ الْكِلَابِ وَالصُّوَرِ، فَأَمَّا مَا لَيْسَ بِحِرَامٍ مِنْ كَلْبِ الصَّيْدِ وَالزَّرْعِ وَالْمَاشِيَةِ، وَالصُّورَةِ الَّتِي تُمْتَهَنُ فِي الْبِسَاطِ وَالْوِسَادَةِ وَغَيْرِهِمَا، فَلَا يَمْتَنِعُ دُخُولُ الْمَلَائِكَةِ بِسَبَبِهِ، وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى نَحْوِ مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ كَلْبٍ وَكُلِّ صُورَةٍ، وَأَنَّهُمْ يَمْتَنِعُونَ مِنَ الْجَمِيعِ لِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ، وَلِأَنَّ الْجِرْوَ الَّذِي كَانَ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْتَ السَّرِيرِ كَانَ لَهُ فِيهِ عُذْرٌ ظَاهِرٌ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ، وَمَعَ هَذَا امْتَنَعَ جِبْرِيلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ دُخُولِ الْبَيْتِ، وَعَلَّلَ بِالْجِرْوِ، فَلَوْ كَانَ العُذْرُ فِي وُجُودِ الصُّورَةِ وَالكَلْبِ لَا يَمْنَعُهُمْ لَمْ يَمْتَنِعْ جِبْرِيلُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.