عدد الزوار 244 التاريخ 01/01/2021
فَأَجَابَ: البَدَنَةُ بَعِيرًا أَوْ بَقَرَةً، يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِكَ فِي مِلْكِهَا سَبْعَةٌ؛ لِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ».
وَفِي رِوَايَةٍ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا السُّبْعُ مِنَ البَدَنَةِ، وَالرَّأْسُ مِنَ الغَنَمِ، فَلَا تَصِحُّ شَرَاكَةُ المِلْكِ فِيهِ، وَلَكِنْ يَصِحُّ التَّشْرِيكُ فِي الثَّوَابِ، فَيُشْرِكُ مَنْ شَاءَ - وَإِنْ كَثُرُوا مِنَ الأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ - بِلَا إِحْدَاثِ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ سَلَفُ الأُمَّةِ.
فَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أوَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقَرْنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ، فَذَبَحَ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ، لِمَنْ شَهِدَ بِالتَّوْحِيدِ، وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلَاغِ، وَذَبَحَ الْآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ». رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَحَسَّنَ إِسْنَادَهُ البُوصِيرِيُّ وَابْنُ المُلَقِّنِ. وَمَا جَازَ فِي رَأْسِ الغَنَمِ جَازَ فِي سُبْعِ البَعِيرِ وَالبَقَرَةِ.
وَإِلَى صِحَّةِ التَّشْرِيكِ فِي الأَجْرِ ذَهَبَ جُمْهُورُ العُلَمَاءِ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ: لَا يُشْرِكْ أَحَدًا فِي ثَوَابِ السُّبْعِ، وَلَا فِي ثَوَابِ الوَاحِدَةِ مِنَ الغَنَمِ.
وَمِنَ المُحْدَثَاتِ - وَاللهُ أَعْلَمُ - عَمَلُ بَعْضِ الحَرِيصِينَ؛ حَيْثُ يُشْرِكُونَ فِي الثَّوَابِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ أُمَّتَهُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَهَذَا خِلَافُ مَا ثَبَتَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: «سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ: كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا فِيكُمْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ حَتَّى تَبَاهَى النَّاسُ فَصَارَ كَمَا تَرَى». رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ: وَالْحَقُّ أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَإِنْ كَانُوا مِائَةَ نَفْسٍ أَوْ أَكْثَرَ، كَمَا قَضَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ.