الإجابة :
فأجاب: قَالَ تَعَالَى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ)، فَذَبْحُ الأَضَاحِي عَلَى اسْمِ اللهِ مَشْرُوعٌ فِي جَمِيعِ المِلَلِ، وَهِيَ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: "أَجْمَعَ العُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا تُجْزِئُ الضَّحِيَّةُ بِغَيْرِ الإِبِلِ وَالبَقَرِ وَالغَنَمِ".
وَأَمَّا أَسْنَانُهَا الوَاجِبَةُ، فَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ). رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَالتِّرْمِذِيَّ.
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: «ضَحَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ». رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ: أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ وَهْبٍ، وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ، وَسَكَتَ عَنْهُ، وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ.
وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: «ضَحَّى خَالٌ لِي - يُقَالُ لَهُ: أَبُو بُرْدَةَ - قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: شَاتُك شَاةُ لَحْمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنْ الْمَعْزِ، قَالَ: اذْبَحْهَا، وَلَا تَصْلُحُ لِغَيْرِكَ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فَالمُسِنَّةُ هِيَ الثَّنِيَّةُ مِنَ الإِبِلِ وَالبَقَرِ وَالغَنَمِ، وَالجَذَعَةُ مِنَ الضَّأْنِ مَا دُونَ الثَّنِيَّةِ؛ فَالثَّنِيُّ مِنَ الإِبِلِ: مَا تَمَّ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ، وَالثَّنِيُّ مِنَ البَقَرِ: مَا تَمَّ لَهُ سَنَتَانِ، وَالثَّنِيُّ مِنَ الغَنَمِ: مَا تَمَّ لَهُ سَنَةٌ، وَالجَذَعُ مِنْهَا مَا تَمَّ لَهُ نِصْفُ سَنَةٍ، عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ العُلَمَاءِ فِي تَفْسِيرِ الثَّنِيَّةِ وَالجَذَعَةِ، مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِمَا دُونَ الثَّنِيَّةِ مِنْ غَيْرِ الضَّأْنِ، وَلَا بِمَا دُونَ الجَذَعَةِ مِنَ الضَّأْنِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالزُّهْرِيُّ: إنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا.
قَالَ النَّوَوِيُّ: "وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَنَّهُ يُجْزِئُ، سَوَاءٌ وَجَدَ غَيْرَهُ أَمْ لَا، وَحَمَلُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالْأَفْضَلِ".
وَقَدْ أَفَادَ حَدِيثُ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ المُسِنَّةَ مِنَ الضَّأْنِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الجَذَعِ، خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ.
وَيَعْتَمِدُ المُشْتَرِي فِي مَعْرِفَةِ السِّنِّ المُعْتَبَرِ عَلَى المَعْرِفَةِ، أَوْ عَلَى قَوْلِ أَهْلِ الخِبْرَةِ الثِّقَاتِ، أَوْ عَلَى خَبَرِ البَائِعِ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ.