عدد الزوار 255 التاريخ 01/01/2021
فَأَجَابَ: جَاءَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ.
وَفي لفظ لِمُسْلِمٍ: (إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا). قِيلَ لِسُفْيَانَ: فَإِنَّ بَعْضَهُمْ لَا يَرْفَعُهُ، قَالَ: لَكِنِّي أَرْفَعُهُ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا النَّهْيِ، هَلْ هُوَ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ لِلْكَرَاهِيَةِ؛ فَذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَرَبِيعَةُ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَدَاوُد، وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، إلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ، حَتَّى يُضَحِّيَ فِي وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ: هُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَلَيْسَ بِحِرَامٍ.
وَحُكِي عَنِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ تَرْكَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ لِمَنْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ مُسْتَحَبٌّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُكْرَهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ: لَا يُكْرَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: يُكْرَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: يَحْرُمُ فِي التَّطَوُّعِ دُونَ الْوَاجِبِ.
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُهْدِي مِنْ الْمَدِينَةِ، فَأَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِهِ، ثُمَّ لَا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
وَفِي رِوَايَةٍ (فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَالقَوْلُ بِالتَّحْرِيمِ أَقْرَبُ.
وَالَّذِي يُمْسِكُ هُوَ مَالِكُ الأُضْحِيَةِ لَا الوَصِيُّ وَلَا الوَكِيلُ وَلَا مَنْ أَشْرَكَهُمْ فِي أُضْحِيَتِهِ، فَيُمْسِكُ عَنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ شَعْرِ بَدَنِهِ، وَعَنْ أَظْفَارِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَغْسِلَ شَعْرَهُ وَيُسَرِّحَهُ بِخِفَّةٍ، وَيُزِيلَ مَا انْكَسَرَ مِنْ أَظْفَارِهِ.
وَلَوْ أَخَذَ مِنْ شَعْرِهِ أَوْ أَظْفَارِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَعَمَّدَ أَخْذَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَثِمَ، وَأُضْحِيَتُهُ مُجْزِئَةٌ يُؤْجَرُ عَلَيْهَا.
وَلَوْ نَوَى أَنْ يُضَحِّيَ بَعْدَ مَا أَخَذَ شَيْئًا مِنْ شَعْرِهِ أَوْ أَظْفَارِهِ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ شَيْئًا بَعْدَ العَزْمِ عَلَى الأُضْحِيَةِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.