عدد الزوار 344 التاريخ 01/01/2021
فَأَجَابَ: العُيُوبُ الَّتِي يُكْرَهُ وُجُودُهَا فِي الأُضْحِيَةِ، وَقَدْ نُهِينَا عَنْهَا نَهْيَ تَنْزِيهٍ وَكَرَاهِيَةٍ عِنْدَ جُمْهُورِ العُلَمَاءِ: مَا جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ، وَأَنْ لَا نُضَحِّيَ بِمُقَابَلَةٍ، وَلَا مُدَابَرَةٍ، وَلَا شَرْقَاءَ، وَلَا خَرْقَاءَ». "عُيُوبٌ بِالأُذُنِ". لَا بَأْسَ بِهِ، رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيَّ وَالبُخَارِيُّ بِالوَقْفِ.
وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُضَحَّى بِأَعْضَبِ الْقَرْنِ وَالْأُذُنِ»، قَالَ قَتَادَةُ: فَذَكَرْت ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فَقَالَ: الْعَضْبُ النِّصْفُ فَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، لَكِنَّ ابْنَ مَاجَهْ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ قَتَادَةَ إِلَى آخِرِهِ. صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ فِي الفُرُوعِ: فِي صِحَّةِ الخَبَرِ نَظَرٌ.
فَالجُمْهُورُ يَرَوْنَ أَنَّ النَّهْيَ فِي الحَدِيثِ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لَا نَهْيُ تَحْرِيمٍ، فَلَا يَمْنَعُ وُجُودُ هَذِهِ العُيُوبِ أَوْ بَعْضِهَا فِي الأُضْحِيَةِ مِنَ الإِجْزَاءِ وَالقَبُولِ.
وَعَلَيْهِ: فَتُكْرَهُ هَذِهِ العُيُوبُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا، وَالعُيُوبُ المُسَاوِيَةُ لَهَا أَوِ الَّتِي تَزِيدُ عَلَيْهَا - مَا لَمْ تَبْلُغِ العُيُوبَ الأَرْبَعَةَ فِي حَدِيثِ البَرَاءِ - كَسُقُوطِ الأَسْنَانِ، وَمَبْتُورَةِ الذَّنَبِ لَا الأَلْيَةِ، وَذَاهِبَةِ القَرْنِ أَوِ الأُذُنِ بِالكُلِّيَّةِ لَيْسَ خِلْقَةً، وَالأَحْوَطُ تَجَنُّبُ هَذِهِ العُيُوبِ، خَاصَّةً أَعْضَبَ القَرْنِ وَالأُذُنِ، خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ العُلَمَاءِ.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ: "وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَةِ مَا كَانَ فِيهِ أَحَدُ الْعُيُوبِ الْمَذْكُورَةِ، وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ يُجْزِئُ مُطْلَقًا، أَوْ يُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ؛ احْتَاجَ إلَى إقَامَةِ دَلِيلٍ يَصْرِفُ النَّهْيَ عَنْ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ، وَهُوَ التَّحْرِيمُ الْمُسْتَلْزِمُ لِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ". انتهى.
وَالَّذِي يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُضَحِّيَ بِالسَّلِيمَةِ الخَالِيَةِ مِنْ جَمِيعِ العُيُوبِ، وَكُلَّمَا كَانَتْ أَكْثَرَ لَحْمًا، وَأَغْلَى ثَمَنًا، وَأَكْمَلَ فِي الصِّحَّةِ وَالخِلْقَةِ وَالمَنْظَرِ وَالطَّعْمِ: فَهِيَ أَفْضَلُ وَأَحْرَى فِي اتِّبَاعِ السُّنَّةِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.