عدد الزوار 266 التاريخ 01/01/2021
فَأَجَابَ: لَا تُقْبَلُ الأُضْحِيَةُ وَلَا تُجْزِئُ إِذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً بِطَرِيقٍ مُحَرَّمٍ؛ بِأَنْ كَانَتْ مَسْرُوقَةً، أَوْ مَغْصُوبَةً، أَوْ تَمَّ شِرَاؤُهَا بِمَالٍ حَرَامٍ.
فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: 51]، وَقَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ: أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ! يَا رَبِّ!، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَن تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ"، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ». وَالأَحَادِيثُ فِي هَذَا البَابِ كَثِيرَةٌ.
وَحُكِيَ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ شَاةً، فَذَبَحَهَا لِمُتْعَتِهِ وَقِرَانِهِ، ثُمَّ أَجَازَهَا الْمَالِكُ أَجَزَأَتْ عَنْهُ.
وَمَنْ أُهْدِيَ إِلَيْهِ لَحْمُ أُضْحِيَةٍ مُحَرَّمَةٍ؛ بِأَنْ كَانَتْ مَسْرُوقَةً مَثَلًا؛ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ اللَّحْمَ، وَرَخَّصَ قَوْمٌ مِنَ السَّلَفِ فِي الْأَكْلِ مِمَّنْ يُعْلَمُ فِي مَالِهِ حَرَامٌ، مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ مِنَ الْحَرَامِ بِعَيْنِهِ.
وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ: "صَحَّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ لَهُ جَارٌ يَأْكُلُ الرِّبَا عَلَانِيَةً، وَلَا يَتَحَرَّجُ مِنْ مَالٍ خَبِيثٍ يَأْخُذُهُ، يَدَعُوهُ إِلَى طَعَامِهِ، قَالَ: أَجِيبُوهُ، فَإِنَّمَا الْمَهْنَأُ لَكُمْ، وَالْوِزْرُ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَعْلَمُ لَهُ شَيْئًا إِلَّا خَبِيثًا أَوْ حَرَامًا، فَقَالَ: أَجِيبُوهُ. وَقَدْ صَحَّحَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ هَذَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ... وَمَتَى عُلِمَ أَنَّ عَيْنَ الشَّيْءِ حَرَامٌ، أُخِذَ بِوَجْهٍ مُحَرَّمٍ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ تَنَاوُلُهُ، وَقَدْ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ".