عدد الزوار 247 التاريخ 01/01/2021
فَأَجَابَ: الأُضْحِيَةُ مَشْرُوعَةٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ.
قَالَ تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ}. وَهِيَ الإِبِلُ، وَالبَقَرُ، وَالغَنَمُ، فَلَا تُجْزِئُ مِنْ غَيْرِهَا. وَعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: (قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا)، وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَجُمْهُورُ العُلَمَاءِ يَرَوْنَ أَنَّ الأُضْحِيَةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ فِي المَشْهُورِ عَنْهُمَا.
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى القَادِرِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحَدُ القَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ.
وَالقَوْلُ الأَوَّلُ أَرْجَحُ، إِلَّا أَنَّهَا سُنَّةٌ عَظِيمَةٌ، لَا يَرْغَبُ عَنْهَا إِلَّا مَحْرُومٌ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: "وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا - إنَّ الْأُضْحِيَّةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ؛ بَلْ سُنَّةٌ - أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَبِلَالٌ، وَأَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةُ، وَالْأَسْوَدُ، وَعَطَاءٌ، وَمَالِكٌ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَالْمُزَنِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَدَاوُدُ، وَغَيْرُهُمْ". انتهى.
وَالقَوْلُ بِوُجُوبِهَا لَهُ وَجْهٌ وَفِيهِ قُوَّةٌ.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالأَظْهَرُ وَقْفُهُ. وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
قَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ: لَكِنْ رَجَّحَ الْأَئِمَّةُ غَيْرُهُ وَقْفَهُ. وَقَالَ فِي الْفَتْحِ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنِ اخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ، وَالْمَوْقُوفُ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ. قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَعَنْ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ، قَالَ: «كُنَّا وُقُوفًا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِعَرَفَاتٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةٌ وَعَتِيرَةٌ». رَوَاهُ الخَمْسَةُ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَضَعَّفَهُ الشَّوْكَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْمَعَافِرِيُّ. وَاللهُ أَعْلَمُ.