عدد الزوار 250 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: رُطُوبَةُ فَرْجِ المَرْأَةِ أَوِ الإِفْرَازَاتُ - وَهُوَ السَّائِلُ الأَبْيَضُ الَّذِي اعْتَادَ النِّسَاءُ خُرُوجَهُ كَثِيرًا مِنْ فُرُوجِهِنَّ، وَتَعُمُّ بِهِ البَلْوَى - لَا يَنْقُضُ الوُضُوءَ عِنْدَ الإِمَامِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ النَّاقِضَ عِنْدَهُ هُوَ الحَدَثُ المُعْتَادُ، وَذَهَبَ المَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الرُّطُوبَةَ نَجِسَةٌ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ، وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ عَنْ أَحْمَدَ، إِلَى أَنَّهَا طَاهِرَةٌ، كَمَا ذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ إِلَى أَنَّ رُطُوبَةَ فَرْجِ المَرْأَةِ لَا تَنْقُضُ الوُضُوءَ، وَلَا تُنَجِّسُ البَدَنَ وَالثِّيَابَ، وَهَذَا القَوْلُ أَرْجَحُ مِنْ حَيْثُ النَّظَرُ وَالتَّعْلِيلُ، حَيْثُ تَعُمُّ بِهِ البَلْوَى، وَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، تَفْرُكُ المَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَحُكُّهُ وَهُوَ مِنْ جِمَاعٍ، فَلَوْ كَانَتِ الرُّطُوبَةُ نَجِسَةً لَوَجَبَ غَسْلُ المَنِيِّ، ثُمَّ إِنَّ مَنِيَّهَا طَاهِرٌ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ فَرْجِهَا، وَنَحْوُ هَذَا مِنَ التَّعْلِيلَاتِ، أَضِفْ إِلَى ذَلِكَ عَدَمَ وُجُودِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ نَاقِضٌ، وَلَا عَلَى أَنَّهُ نَجِسٌ، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، وَإِنْ كَانَ الأَحْوَطُ الوُضُوءَ مِنْ خُرُوجِهِ؛ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَهْلِ العِلْمِ، فَالأَكْثَرُ يَقُولُونَ: إِنَّهُ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ، كَذَلِكَ الأَحْوَطُ غَسْلُ الثِّيَابِ مِنْهُ؛ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ نَجِسٌ؛ لِخُرُوجِهِ مِنَ الفَرْجِ، فَهُوَ أَشْبَهُ بِالمَذْيِ وَالوَدْيِ فِي كَوْنِهِ نَاقِضًا وَنَجِسًا، وَيَسْنِدُ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: {يَا رَسُولَ اللهِ، إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ المَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ؟ قَالَ: يَغْسِلُ مَا مَسَّ المَرْأَةَ مِنْهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي}. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهُوَ مَنْسُوخٌ. إِلَّا أَنْ يَشُقَّ غَسْلُهُ، فَإِنَّ المَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ، قَالَ تَعَالَى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ).
وَاللهُ أَعْلَمُ.