عدد الزوار 117 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ المُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ مِنْ بَيْتِهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهَا تَرْكُ بَيْتِ زَوْجِهَا، حَتَّى تَنْقَضِيَ العِدَّةُ، إِلَّا أَنْ يَسْتَاءَ الزَّوْجُ مِنْ مُطَلَّقَتِهِ، فَيَلْحَقَهُ ضَرَرٌ فِي عِرْضِهِ، أَوْ يَلْحَقَهَا هِيَ ضَرَرٌ، وَقَدْ أَخَلَّ بِهَذَا الحُكْمِ الشَّرْعِيِّ كَثِيرٌ مِنَ الأَزْوَاجِ وَالزَّوْجَاتِ، فَمُنْذُ يَخْتَلِفُونَ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ، تَذْهَبُ لِأَهْلِهَا، وَكَثِيرًا مَا تَتَعَقَّدُ المُشْكِلَةُ، وَيُصَعَّدُ الخِلَافُ، فَيُوصِدُونَ بِتَفَرُّقِهِمْ بَابَ التَّفَاهُمِ، وَشَفَاعَةَ المَشَاعِرِ، وَلَغَةَ الأَجْسَادِ.
قَالَ اللهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا)؛ أَيْ فَيَرْجِعُونَ إِلَى بَعْضٍ.
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: «قَوْلُهُ: (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ)؛ أَيْ: فِي مُدَّةِ العِدَّةِ، لَهَا حَقُّ السُّكْنَى عَلَى الزَّوْجِ، مَا دَامَتْ مُعْتَدَّةً مِنْهُ، فَلَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُخْرِجَهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَيْضًا الخُرُوجُ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَقَلَةٌ لِحَقِّ الزَّوْجِ أَيْضًا. وَقَوْلُهُ: (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ)؛ أَيْ: لَا يَخْرُجْنَ مِنْ بُيُوتِهِنَّ إِلَّا أَنْ تَرْتَكِبَ المَرْأَةُ فَاحِشَةً مُبَيِّنَةً، فَتَخْرُجَ مِنَ المَنْزِلِ، وَالفَاحِشَةُ المُبَيِّنَةُ تَشْمَلُ الزِّنَا، كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَمُجَاهِدُ، وَعِكْرِمَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو قِلَابَةَ، وَأَبُو صَالِحٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَعَطَاءٌ الخُرَاسَانِيُّ، وَالسُّدِّيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَتَشْمَلُ مَا إِذَا نَشَزَتِ المَرْأَةِ، أَوْ بَذَتْ عَلَى أَهْلِ الرَّجُلِ، وَآذَتْهُمْ فِي الكَلَامِ وَالفِعَالِ، كَمَا قَالَهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَغَيْرُهُمْ». وَاللهُ أَعْلَمُ.