عدد الزوار 84 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَسِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ وَكَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: بَابُ مَا يُنْهَى مِنْ سَبِّ الأَمْوَاتِ، ثُمَّ رَوَى عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا}. وَالمَعْنَى: حِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ تَعَالَى، فَلَهُمْ مَا كَسَبُوا، وَلَنَا مَا كَسَبْنَا، وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ.
وَأَخْرَجَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي "كِتَابِ أَخْبَارِ البَصْرَةِ"، عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا فَعَلَ "يَزِيدُ الأَرْحَبِيُّ" لَعَنَهُ اللهُ؟ قَالُوا: مَاتَ. قَالَتْ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ. قَالُوا: مَا هَذَا؟ فَذَكَرَتِ الحَدِيثَ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: {لَا تَسُبُّوا أَمْوَاتَنَا فَتُؤْذُوا أَحْيَاءَنَا}. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ، وَلَهُ شَوَاهِدُ، وَقَدْ حُسِّنَ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: ذِكْرُ البَعْضِ مِنَ العِلَّةِ التِي مِنْ أَجْلِهَا نَهَى عَنْ سَبِّ الأَمْوَاتِ، ثُمَّ رَوَى الحَدِيثَ مِنْ مُسْنَدِ المُغِيرَةِ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى ضَرُورَةِ مُرَاعَاةِ مَشَاعِرِ المُسْلِمِينَ مِنْ قَرَابَةِ المَيِّتِ.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَقَدْ صَحَّحَهُ الحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {اذْكُرُوا مَحَاسِنَ أَمْوَاتِكُمْ، وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ}.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَسَكَتَ عَنْهُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِذَا مَاتَ صَاحِبُكُمْ فَدَعُوهُ، لَا تَقَعُوا فِيهِ}.
وَلِلنَّسَائِيِّ عَنْهَا وَقَدْ صُحِّحَ، قَالَتْ: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَالِكٌ بِسُوءٍ، فَقَالَ: «لَا تَذْكُرُوا هَلْكَاكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ».
وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَينِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: "مَرُّوا بِجِنَازَةٍ، فَأَثْنَوا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَالَ: وَجَبَتْ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا، فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ؛ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأَرْضِ".
فَأَجَابَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ سَبِّ الأَمْوَاتِ هُوَ فِي غَيْرِ المُنَافِقِ وَالكَافِرِ، وَفِي غَيْرِ المُتَظَاهِرِ بِفِسْقٍ أَوْ بِدْعَةٍ، فَأَمَّا هَؤُلَاءِ، فَلَا يَحْرُمُ ذِكْرُهُمْ بِالشَّرِّ لِلتَّحْذِيرِ مِنْ طَرِيقِهِمْ. وَاللهُ أَعْلَمُ.