عدد الزوار 128 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: سُئِلَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ عَنْ هَذَا، فَأَجَابَ: أَيَّامُ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ أَفْضَلُ مِنْ أَيَّامِ العَشْرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَاللَّيَالِي العَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ لِيَالِي عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ. انتهى.
وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ مَا مُلَخَّصُهُ:
قَالَ كَعْبٌ: (اخْتَارَ اللهُ الزَّمَانَ، وَأَحَبُّ الزَّمَانِ إِلَى اللهِ الأَشْهُرُ الحُرُمُ، وَأَحَبُّ الأَشْهُرِ الحُرُمِ إِلَى اللهِ ذُو الحِجَّةِ، وَأَحَبُّ ذِي الحِجَّةِ إِلَى اللهِ العَشْرُ الأُوَلُ).
وَهَذَا - أَيِ الوَارِدُ فِي فَضْلِ العَشْرِ - كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَشْرَ ذِي الحِجَّةِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الأَيَّامِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ.
هَذَا فِي أَيَّامِهِ. فَأَمَّا لَيَالِيهِ، فَمِنَ المُتَأَخِّرِينَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَيَالِيَ عَشْرِ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ لَيَالِيهِ؛ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى لَيْلَةِ القَدْرِ، وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا.
فَإِنَّ عَشْرَ رَمَضَانَ فُضِّلَ بِلَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ فِيهِ، وَعَشْرُ ذِي الحِجَّةِ جَمِيعُ لَيَالِيهِ مُتَسَاوِيَةٌ.
وَحَدِيثُ جَابِرٍ الذِي خَرَّجَهُ أَبُو مُوسَى صَرِيحٌ فِي تَفْضِيلِ لَيَالِيهِ كَتَفْضِيلِ أَيَّامِهِ أَيْضًا، وَالأَيَّامُ إِذَا أُطْلِقَتْ دَخَلَتْ فِيهَا اللَّيَالِي تَبَعًا، وَكَذَلِكَ اللَّيَالِي تَدْخُلُ أَيَّامُهَا تَبَعًا.
وَقَدْ أَقْسَمَ اللهُ تَعَالَى بِلَيَالِيهِ فَقَالَ: {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1، 2] وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ لَيَالِيهِ، لَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ لَيَالِيَهُ، وَلَا شَيْئًا مِنْهَا، يَعْدِلُ لَيْلَةَ القَدْرِ.
وَالتَّحْقِيقُ مَا قَالَهُ بَعْضُ أَعْيَانِ المُتَأَخِّرِينَ مِنَ العُلَمَاءِ: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ مَجْمُوعَ هَذَا العَشْرِ أَفْضَلُ مِنْ مَجْمُوعِ عَشْرِ رَمَضَانَ، وَإِنْ كَانَ فِي عَشْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةٌ لَا يُفَضَّلُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ. انتهى.