عدد الزوار 156 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: إِنَّ مِنْ جُمْلَةِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ التِي يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَيْهَا؛ اسْتِبَاقًا لِلْخَيْرَاتِ، وَمُنَافَسَةً فِي الطَّاعَاتِ؛ مَا يَلِي:
1- المُحَافَظَةُ عَلَى الفَرَائِضِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: "وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
2- بَذْلُ نَفَقَةِ الحَجِّ لِمَنْ تَحْمِلُهُ عَلَى الحَجِّ؛ لِحَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: (مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
3- النِّيَّةُ الصَّادِقَةُ؛ لِمَا ثَبَتَ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - يَقُولُ: (إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ: عَبْدٌ رَزَقَهُ اللهُ مَالًا وَعِلْمًا، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ للهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ المَنَازِلِ، وَعَبْدٌ رَزَقَهُ اللهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ، يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ، فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
4- مَنْ فَاتَهُ الحَجُّ، فَلَا تَفُوتُهُ الصَّدَقَةُ بِقَدْرِ النَّفَقَةِ فِيهِ.
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي تَفْضِيلِ الحَجِّ تَطَوُّعًا أَوِ الصَّدَقَةِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ الصَّدَقَةَ، وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنْ كَانَ ثَمَّ رَحِمٌ مُحْتَاجَةٌ، أَوْ زَمَنُ مَجَاعَةٍ؛ فَالصَّدَقَةُ، وَإِلَّا فَالحَجُّ، وَهُوَ نَصُّ أَحْمَدَ، وَرُوِيَ عَنِ الحَسَنِ مَعْنَاهُ.
5- التَّزَوُّدُ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ التِي هِيَ أَفْضَلُ الأَعْمَالِ؛ كَالإِيمَانِ بِاللهِ، وَكَثْرَةِ الذِّكْرِ، وَغَيْرِهَا.
رَوَى أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ - سُئِلَ: أَيُّ العِبَادَةِ أَفْضَلُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟، قَالَ: {وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا}. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمِنَ الغَازِي فِي سَبِيلِ اللهِ؟، قَالَ: "لَوْ ضَرَبَ بِسَيْفِهِ الكُفَّارَ وَالمُشْرِكِينَ حَتَّى يَنْكَسِرَ وَيَخْتَضِبَ دَمًا؛ لَكَانَ الذَّاكِرُونَ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَفْضَلَ مِنْهُ دَرَجَةً". وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَلَهُ شَاهِدٌ خَرَّجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ. وَالجِهَادُ أَفْضَلُ مِنَ الحَجِّ.
6- الذِّكْرُ بَعْدَ الصَّلَاةِ.
فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: جَاءَ الفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِيِّ - ﷺ -، فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنَ الأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ العُلَا، وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا، وَيَعْتَمِرُونَ، وَيُجَاهِدُونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ، قَالَ: ((أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَمْرٍ إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ، إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ؛ تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ.
7- عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ.
فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ - قَالَ: "عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً - أَوْ حَجَّةً مَعِي –". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
8- الجُلُوسُ فِي المَسْجِدِ لِلذِّكْرِ.
فَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: «مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ؛ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ»، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: «تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ». حَسَنٌ لِشَوَاهِدِهِ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
9- الذَّهَابُ لِمَجَالِسِ العِلْمِ.
فَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ - قَالَ: "مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ، لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَتَعَلَّمَ خَيْرًا، أَوْ يُعَلِّمَهُ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَاجٍّ تَامًّا حَجَّتُهُ". أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ: رِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ كُلُّهُمْ.
10- المَشْيُ إِلَى الصَّلَوَاتِ.
فَعَنِ القَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ - وَفِيهِ مَقَالٌ -، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - قَالَ: (مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الحَاجِّ المُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لَا يُنْصِبُهُ إِلَّا إِيَّاهُ، فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ المُعْتَمِرِ). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
11- بِرُّ الوَالِدَيْنِ.
فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ - ﷺ - فَقَالَ: إِنِّي أَشْتَهِي الجِهَادَ، وَلَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ. فَقَالَ - ﷺ -: (هَلْ بَقِيَ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ؟). قَالَ: أُمِّي. قَالَ: (فَاسْأَلِ اللهَ فِي بِرِّهَا، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَأَنْتَ حَاجٌّ وَمُعْتَمِرٌ وَمُجَاهِدٌ). أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَالضِّيَاءُ، وَقَالَ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَقَالَ البُوصِيرِيُّ: إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَقَالَ العِرَاقِيُّ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
12- وَرَدَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ فِي أَعْمَالٍ أَنَّهَا تَعْدِلُ الحَجَّ؛ كَشُهُودِ الجُمُعَةِ، وَصَلَاةِ العِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ، وَالعِيدِ، وَالمَشْيِ فِي حَاجَةِ المُسْلِمِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
13- البُعْدُ عَنِ المُحَرَّمَاتِ.
قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: تَرْكُ دَانَقٍ مِمَّا يَكْرَهُهُ اللهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ خَمْسِمِائَةِ حَجَّةٍ.
وَقَالَ الفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: مَا حَجٌّ، وَلَا رِبَاطٌ، وَلَا جِهَادٌ، أَشَدَّ مِنْ حَبْسِ اللِّسَانِ.
وَاللهُ أَعْلَمُ.