عدد الزوار 397 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: اخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ فِي العَمَلِ بِالحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي فَضَائِلِ الأَعْمَالِ، وَالتَّحْدِيثِ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ؛ فَمَنَعَ مِنْهُ طَائِفَةٌ، وَأَجَازَتْهُ أُخْرَى، وَهُوَ الأَرْجَحُ بِشُرُوطٍ، وَهِيَ:
- أَلَا يَكُونَ الضَّعْفُ شَدِيدًا؛ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ طَرِيقِ الكَذَّابِينَ وَالمُتَّهَمِينَ وَالمَطْرُوحِينَ.
- أَنْ يَنْدَرِجَ تَحْتَ أَصْلٍ شَرْعِيٍّ مُنَاسِبٍ، لَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِحُكْمٍ أَوْ عِبَادَةٍ.
- أَلَّا يُعْتَقَدَ ثُبُوتُهُ.
- أَنْ يُبَيَّنَ ضَعْفُهُ إِذَا حُدِّثَ بِهِ.
ثُمَّ إِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ لِي العَمَلُ بِالحَدِيثِ الَّذِي سَبَبُ ضَعْفِهِ يَسِيرٌ، إِذَا كَانَ مَتْنُهُ مُسْتَقِيمًا، وَعَمَلُ أَهْلِ العِلْمِ يَشْهَدُ لَهُ، وَخَاصَّةً إِذَا احْتِيجَ إِلَيْهِ، وَلَيْسَ فِي البَابِ غَيْرُهُ، كَأَنْ يَكُونَ سَبَبُ الضَّعْفِ مُبْهَمًا أَوْ مَجْهُولًا مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، أَوْ عَنْعَنَةً مُحْتَمَلَةً، وَنَحْوَ ذَلِكَ، أَمَّا أَنْ نَطْرَحَ وَلَا نَلْتَفِتَ لِأَيِّ حَدِيثٍ تُكُلِّمَ فِي سَنَدِهِ وَلَوْ مِنْ مُتَشَدِّدٍ أَوْ مُفْرِطٍ فِي التَّضْعِيفِ، بِنَاءً عَلَى عِلْمِ المُصْطَلَحِ؛ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَيُسْنِدُ مَا ظَهَرَ لِي عَمَلُ أَصْحَابِ المُصَنَّفَاتِ فِي الحَدِيثِ وَالفِقْهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي "مَجْمُوعِ الفَتَاوَى": «لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَمَدَ فِي الشَّرِيعَةِ عَلَى الأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ الَّتِي لَيْسَتْ صَحِيحَةً وَلَا حَسَنَةً، لَكِنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَغَيْرَهُ مِنَ العُلَمَاءِ جَوَّزُوا أَنْ يُرْوَى فِي فَضَائِلِ الأَعْمَالِ مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ ثَابِتٌ، إِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ كَذِبٌ، وَذَلِكَ أَنَّ العَمَلَ إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، وَرُوِيَ حَدِيثٌ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ كَذِبٌ؛ جَازَ أَنْ يَكُونَ الثَّوَابُ حَقًّا، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الأَئِمَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ الشَّيْءُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا بِحَدِيثٍ ضَعِيفٍ، وَمَنْ قَالَ هَذَا فَقَدْ خَالَفَ الإِجْمَاعَ .. فَيَجُوزُ أَنْ يُرْوَى فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ كَذِبٌ، وَلَكِنْ فِيمَا عُلِمَ أَنَّ اللهَ رَغَّبَ فِيهِ أَوْ رَهَّبَ مِنْهُ بِدَلِيلٍ آخَرَ غَيْرِ هَذَا المَجْهُولِ حَالُهُ».