طلق زوجته أكثر من ثلاث مرات ولا زال يجامعها فما حكم فعله؟
عدد الزوار
76
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
تزوجت منذ خمس عشرة سنة من امرأة مسلمة، وأنجبت لي أربعة أبناء وابنتين، إلا أن العلاقة الزوجية قد ساءت في بادئ الأمر، ثم تمَّ الصلح بتدخّل الأقارب، ولكن ما لبث أن عاد الخلاف بيننا، وقد حاولت إصلاح أمرها بشتى الطرق، ولكن لا فائدة وذات مرة اشتد غضبي عليها، فقلت لها: أنت طالق، وقد استفتيت أحد المشايخ، فأفتاني باسترجاعها، وفعلاً استرجعتها، ولم يدم الوفاق بيننا، بل عادت إلى ماضيها وإساءتها إليَّ بكل ما تستطيع فعله، فقلت لها أنت طالق يا فلانة، وسميتها باسمها، ومرة ثالثة وربما رابعة كلما تُسيء إليَّ أقول لها: أنت طالق، دون أن تسمعني، وحدث هذا أكثر من ثلاث مرات فهل تحرم عليَّ بذلك أم لا؟
الإجابة :
إذا كان الطلاق صدر منك، وأنت في شعورك وضبط عقلك، وكمّلت الثلاث حرمت عليك؛ لأن الطلقة الثالثة هي الأخيرة، والله يقول سبحانه: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾[البقرة: 230] هذه هي الطلقة الثالثة، فإذا كنت في الطلاقات الثلاث، قد حضر شعورك وقلتها وأنت ضابط عقلك، فإنها تقع هذه الطلقات، إلا إذا كان شيء منها في حال حيضٍ أو نفاس أو طهرٍ جامعتها فيه، فإنها لا تقع في أصح قولي العلماء، والمسألة فيها خلاف وعند الجمهور أن الطلاق يقع، حتى في حال البدعة في حال الحيض والنفاس، ولكن أرجح القولين عدم الوقوع، إذا كان الطلاق وقع منك في حال كونها حائضًا، أو نفساء أو في طهرٍ جامعتها فيه، ولا يجوز الطلاق في حال الحيض ولا في حال النفاس ولا في طهرٍ جامعتها فيه، فإنه يحرم الطلاق في هذه الأحوال الثلاث؛ لما ثبت من حديث ابن عمر -رضي الله عنمها- ، أنه طلق امرأته وهي حائض، فأنكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم- ، وأمره أن يراجعها ثم يمسكها، حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء طلق قبل أن يمسَّ، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم- : «فتلك العدة التي أمر الله، أن تطلق لها النساء»، يعني في قوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾[الطلاق: 1] فطلاقهن للعدّة أن تطلق المرأة في حال طهر لم يجامعها فيه الرجل، أو في حال كونها حاملاً، هذا هو الطلاق الشرعي، أن تطلّق المرأة حال كونها حاملاً، أو في طهرٍ لم يجامعها الزوج فيه، ولم يتبين حملها؛ لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم- لابن عمر: «ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملاً» وفي لفظ آخر: «قبل أن يمسّها» وهذا يدل على أن الطلاق في حال الحيض، أو النفاس أو في طهرٍ مسَّها فيه، أي جامعها فيه يكون بدعة محرمًا، لكن هل يقع أم لا؟ على قولين: أكثر أهل العلم أنه يقع مع الإثم، والقول الثاني: أنه يأثم وعليه التّوبة إلى الله، ولكن لا يقع؛ لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم- لابن عمر: «راجعها»، ولم يقل له: إن الطلاق وقع، فقال: راجعها أي: ردّها، وفي لفظ فردها عليَّ، ولم يرها شيئًا، قال ابن عمر: فردها عليَّ ولم يرها شيئًا، أي: لم يرها شيئًا واقعًا على الصحيح، ولكن عليك مع هذا التّوبة إلى الله، إذا كنت راجعتها بعد الثالثة، ولم تتبصّر ولم تسأل، فالواجب على المؤمن أن يسأل، ولا يقدم على شيء إلا على بصيرة، فالطلاق الثالث يحرّمها، إلا إذا وجد مانع من وقوعه، فعليك أن تتصل بأهل العلم مع المرأة ووليها حتى يحقّق في أمركما، وحتى يعرف حالها حين الطلاق، وبعد ذلك يفتيك العالم، مما يتضح له شرعًا عند حضورك، مع المرأة، ووليها لديه وسؤالكم جميعًا عمّا وقع، وقد عرفت من هذا الكلام، أن الطلقة الأخيرة الثالثة تحرّمها عليك، حتى تنكح زوجًا غيرك إذا كانت الطلقات الثلاث وقعت في طهرٍ لم تجامعها فيه، أو في كونها حاملاً فإنها تحرم عليك، حتى تنكح زوجًا غيرك، أمّا إن كانت إحدى الطلقات وقعت في حيضٍ أو نفاسٍ، أو طهرٍ جامعتها فيه، فإنها لا تقع ويبقى لها طلقة، إذا كان الطلاق الواقع ثلاثًا، وإن كان الواقع أربعًا فهذا أكبر وأشنع، كيف يحلّ لك أن تتصل بعد الثالثة ولم تسأل، ولم تستفت أهل العلم، المقصود أن عليك أن تسأل أهل العلم، وأن تتبصر في أمرك، ويكون معك وليها، والمرأة أيضًا عند السؤال، حتى يتبصّر العالم مما وقع بينكم، وحتى يفتيكم بما يراه شرعًا، نسأل الله للجميع الهداية.
المصدر :
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(22/106- 110)